احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / إسرائيل .. وتقسيم الأقصى .. ماذا بعد؟!

إسرائيل .. وتقسيم الأقصى .. ماذا بعد؟!

سامي حامد

يبدو أننا نحن العرب قد استسلمنا تماما للأمر الواقع تجاه القضية الفلسطينية التي ظلت لأكثر من نصف قرن رهينة قمم ومؤتمرات واجتماعات ومفاوضات وإدانات واستنكارات لا طائل من ورائها، وقرارات أممية لا تنفذ، بينما إسرائيل على الجانب الآخر تعمل على تقزيم القضية وطمس الهوية الفلسطينية وبناء المزيد من المستوطنات لتقطيع أواصر الدولة الفلسطينية التي حلمنا بها جميعا مستغلة في ذلك حالة الانقسام بين الأشقاء الفلسطينيين حيث تسيطر حكومة حماس المقالة على غزة بينما تتولى السلطة الوطنية بقيادة حركة فتح إدارة الضفة الغربية!!
إسرائيل وأمام حالة التشرذم الفلسطيني والعربي أيضا صارت أكثر جرأة وتبجح وبدأت تعد العدة لبسط سيادتها تماما على المسجد الأقصى حيث عقد الكنيست الإسرائيلي مؤخرا جلسة مثيرة للجدل لمناقشة بسط السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وأصدرت ميري ريجيف رئيسة لجنة الداخلية والبيئة بالكنيست قرارا بتعيين لجنة خاصة لفحص ملف ما أسمته “صعود اليهود إلى جبل الهيكل”، ما يعني تهيئة المناخ للقيام باقتحامات جماعية وترتيب صلوات يهودية في المسجد الأقصى بشكل حر خلال عيد الفصح العبري الذي يصادف منتصف إبريل المقبل وصولا حسب قولها إلى مرحلة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا مثلما حدث للمسجد الإبراهيمي في الخليل!!
إذن المخطط الإسرائيلي حسب تصريحات النائبة الإسرئيلية “ريجيف” هو تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، ما يعني بسط السيادة الإسرئيلية على المقدسات الإسلامية في تعدٍّ سافر على هذه المقدسات تبدأ باقتحامات جماعية وصلوات يهودية لفرض أمر واقع جديد على الأرض، وهو ما يعني في نفس الوقت إنهاء وصاية وإشراف الأردن على المسجد الأقصى بموجب القانون الدولي واتفاقية السلام المبرمة بين الأردن وإسرائيل، حيث تتولى دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية الإشراف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، وهو ما دفع مجلس النواب الأردني إلى التصويت بالأغلبية على طرد السفير الإسرائيلي من العاصمة الأردنية عمَّان وسحب السفير الأردني من تل أبيب في حال أقدمت الحكومة الإسرائيلية على هذه الخطوة، كما حذرت الحكومة الأردنية من جانبها إسرائيل من المساس بالوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية في القدس حتى لا تشعل خلافات دبلوماسية بين البلدين في إشارة إلى إمكانية قطع العلاقات!!
ما دفع إسرائيل إلى هذه الجرأة ليس مجرد الانقسام الفلسطيني فحسب، وإنما أيضا المناخ العربي الذي أصبح بفعل ثورات الربيع العربي ـ حسب التعبير الغربي ـ يعاني من الفوضى والعنف والإرهاب وعدم الاستقرار .. فالدماء تسيل في مصر وسوريا وليبيا واليمن ولبنان ولا تزال تسيل للعام الحادي عشر على التوالي في العراق بينما تنعم إسرائيل بالأمن والأمان فلم نعد نسمع عن عمليات فدائية أو استشهادية أو حتى إرهابية حسب التصنيف الإسرائيلي لهذه العمليات بعد أن نجحت في غرس بذور الانقسام في الجسد الفلسطيني وقامت بتصدير الإرهاب إلى الدول العربية، ولذا ليس غريبا أن المنظمات والحركات والجماعات التي ترفع شعار الإسلام والجهاد تمارس العنف الآن مع أبناء وطنهم وأبناء عروبتهم بينما يديرون ظهورهم لإسرائيل!!
والغريب أننا لم نسمع هذه المرة عن أي رد فعل عنيف من حركة حماس الإسلامية على نوايا إسرائيل تجاه المسجد الأقصى سوى تحذيرات جاءت على لسان أحمد أبو حليبة القيادي في حركة حماس الذي قال إن إسرائيل تصعد من عدوانها على الأقصى من أجل الاستيلاء عليه وتهويده، مشددا على أن تحرير الأقصى لن يتم إلا بقوة السلاح .. هكذا قال أبو حليبة إلا أنه يبدو أن حماس قد نسيت هي الأخرى لغة السلاح بعد أن دخلت في هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل .. أما من يطلقون على أنفسهم أنصار بيت المقدس فهم مشغولون بقتل المصريين!!
إن ما تشهده المنطقة العربية في الوقت الحالي من عنف وإرهاب وفوضى وانفلات في العديد من الدول العربية هو عمل منظم ومخطط وليس وليد الصدفة أن تشهد عدة دول عربية اضطرابات وعنف وعدم استقرار في وقت واحد والهدف من وراء كل ذلك هو أن تصبح إسرائيل هي الدولة العظمى والكبرى الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا هو ما دفع الإسرائيليين الآن والآن فقط إلى طرح مسألة تقسيم المسجد الأقصى بشكل علني بعد عمليات اقتحام متكررة لأنها تدرك في الوقت الحالي أن العرب مشغولون بهمومهم ومشاكلهم الداخلية وبالأخص كل من مصر وسوريا والعراق، ما يعني أن الفرصة باتت سانحة لها لبدء تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها والسيطرة على المقدسات الإسلامية!!
ولا عجب من رد الفعل العربي الفاتر على نوايا تل أبيب الخبيثة لتقسيم المسجد الأقصى باستثناء الأردن المسؤول الأول والقانوني عن الإشراف على المقدسات الإسلامية في القدس، بينما اكتفت عواصم عربية تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة بإصدار بيانات الشجب والاستنكار والإدانة التي شبعنا ومللنا منها على مدى عقود طالما أن إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططها حتى جامعة الدول العربية لم تفكر هذه المرة كما جرت العادة في الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية لبحث المخطط الإسرائيلي تجاه المسجد الأقصى وشروعها في بسط سيادتها على المقدسات الإسلامية في القدس، ويبدو أن جامعة الدول العربية باتت هي الأخرى على قناعة تامة بأن بيانات الشجب والاستنكار والإدانة لن يكون لها أي تأثير على كبح جماح إسرائيل فضلا عن أنها أصبحت لا تساوي ما ينفق على هذه الاجتماعات!!

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى