على الرغم من التنافس الكبير الذي تشهده سوق الأدوية، وتحديدًا بين الشركات الكبرى في العالم والمختصة بتصنيع الدواء فيما يتعلق باللقاحات المضادة لفيروس كورونا “كوفيد 19″، ومحاولة كل شركة مسنودة من قبل حكومة دولتها تقديم منتجها الدوائي ضد الفيروس على أنه الأكثر فعالية، وعلى الرغم من بدء عدد من دول العالم حملات التطعيم لمواطنيها ضد فيروس كورونا “كوفيد 19″، إلا أن الخطر الداهم للوباء لا يزال قائمًا، ويفعل أفاعيله في شعوب الأرض دون استثناء، حيث مستوى الإصابات والوَفَيَات في ارتفاع، بدليل عمليات التحور التي يشهدها الفيروس وتعدُّد سلالاته التي أخذت بدورها تهدِّد الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس، وتطيح بكل ما أنجز على جميع المستويات.
الأرقام التي ترصدها المؤسسات الصحية في جميع دول العالم ليست قليلة مع الانتشار السريع للسلالات المتحورة، حيث تبدو الأعداد المسجلة في دول العالم لافتة وتثير الدهشة والاستغراب، وكأن قدر العالم أن يبقى رهينة للوباء، الأمر الذي يثير جدلًا واسعًا وحيرة في الوقت ذاته حول طبيعة هذا الفيروس ومنشئه الذي ـ رغم صغره وعدم رؤيته بالعين المجردة ـ أقعد العالم، ومنع الدول والشعوب عن ممارسة أنشطتها، ومتابعة مصالحها، وتحقيق أهداف استراتيجياتها، مُتسبِّبًا في خسائر باهظة وكوارث ضخمة، ولا يزال يواصل هذا الحصاد المر في الوقت الذي يضع فيه الناس الأمل الكبير بقدرة العلم وتطور البحث العلمي على إحداث اختراق علمي جديد، لكنه أكثر تطورًا وتقدمًا عن الاختراق الذي أحدثه مع فيروسات الأوبئة السابقة كالحصبة والسل والشلل على سبيل المثال.
إن الوضع الوبائي في دول العالم بوجْه عام لا يعطي مؤشرات يمكن قراءتها ويُستنتج منها اقتراب نهاية وباء كورونا “كوفيد 19″، وهذا راجع بصورة كبيرة إلى البطء الشديد في عمليات الإنتاج للقاحات المكتشفة رغم التنافس المحموم القائم بين مختلف شركات الأدوية العالمية. فتأخر مواعيد تسليم اللقاحات للدول القادرة على شرائها، وبقاء مواطني الدول الفقيرة والأكثر فقرًا يصارعون الموت وويلات وباء كورونا من شأنه أن يخيب الآمال، ويؤثر في حسابات الدول، ويفاقم الأوضاع ويوصلها إلى مشاهد أكثر مأساوية، وأرقام فلكية على مستوى العالم من حيث عدد الإصابات والوَفَيَات، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية والكارثية المباشرة وغير المباشرة على القطاعات الإنتاجية والخدمية كالصناعة والتجارة والصحة والسياحة والتعليم وغيرها.
لذلك وأمام هذا الواقع المتحقق من المشاهد والصور والإحصائيات والأرقام التي تُسجَّل يوميًّا، وأمام الحديث المسكوب على وسائل الإعلام من المعنيين بقطاع الصحة عن خطورة السلالات الجديدة لفيروس كورونا “كوفيد 19″ يظل الالتزام والتقيد بالإجراءات الاحترازية والإرشادات الصحية والوقائية هو الحاكم والفيصل، والحصن المنيع ـ بعد رعاية الله وتوفيقه وعنايته ولطفه وكرمه ـ وهو أحد مظاهر التوكل على الله والأخذ بالأسباب، والانتباه إلى عدم التهاون أو قَبول التنازل عن ما تحقق من منافع ومصالح أثناء الموجة الأولى والموجة الثانية وتفشِّيهما، وعدم السماح لموجة السلالات الجديدة من الانتشار والتمكن.. إنها معركة جديدة مع المرض، فلنحذر ولنلزم الإجراءات الاحترازية والإرشادات والتعليمات الصحية والوقائية.. حفظ الله الجميع من كل سوء ومكروه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن