أن تتجاوز أعداد الإصابات بمرض فيروس كورونا “كوفيد 19″ بالسلطنة مئة وتسعين ألف حالة، وأن تناهز أعداد الوفيات عشرين ألف حالة، ويتجاوز عدد حالات الوفاة على المستوى العالم ثلاثة ملايين حالة منذ بدء انتشار الجائحة، فإن ذلك يعني أن خطورة هذا المرض لا تزال عالية، وأن الأعداد المسجَّلة، سواء أعداد الإصابات أو الوفيات أو أعداد المنوَّمين في المستشفيات وغرف العناية المركَّزة مرشحة لمزيد من الارتفاع، ولا يعلم نهاية هذه الجائحة وتوقفها عن حصد الضحايا سوى الله وحده القادر على رفع الوباء والبلاء والمِحن عن عباده أجمعين. واللافت أن خطورة هذه الجائحة قد وجدت الأسباب والبيئات التي تنشط فيها، وتتفاعل معها سلالاتها المتحوِّرة على النَّحْو الذي يشاهده ويتابعه الجميع في مختلف أنحاء العالم، حيث اكتسب هذا الفيروس شراسة وقدرة واسعة على الانتشار عبر سلالاته، ما جعله يطول جميع دول العالم دون استثناء، ويرهقها رهقًا شديدًا، بل إن شراسته وتفاعله مَكَّناه من أن يطيح بدول تُعدُّ من الدول المتقدِّمة صحيًّا واقتصاديًّا وصناعيًّا؛ وفي هذا عِبرة وهي أن الإنسان مهما بلغ من مظاهر العلم والقوة والتقدُّم الصناعي والتقني والطبي والرَّخاء ورغد العيش، يبقى إنسانًا ضعيفًا أمام عجائب الصنع للخالق سبحانه، وأقداره وحِكَمه وابتلاءاته.
إن حالة التَّنادي التي يشهدها العالم لتقديم المساعدة لدول منكوبة كانت بالأمس في قوَّة واستقرار وقدرة على السيطرة على تطوُّرات جائحة كورونا، لتدعو إلى مزيد من التَّأمل والتفكُّر والتَّأني والتَّقدير، والتَّوقف عند هذا الوباء وهذا الابتلاء، ومراجعة النفس والانتباه إلى أن ما أصابها مصيب غيرها ولا أحد بمنأى من هذا الوباء وهذا الابتلاء، فما بين غمضة عين وانتباهتها يتغير الحال بقدرة القادر المدبِّر المتحكِّم في هذا الكون ونواميسه.
صحيح أن المشاهد الموثَّقة لآثار جائحة كورونا “كوفيد 19″ وما تفعله من أفاعيل في الناس وفي مقدَّرات الدول والشعوب لَتحزُّ في النفس وتثير الألم والحزن والألم والشفقة، وتثير التعاطف الإنساني والأخلاقي، إلا أن الإنسان أمام تلك المشاهد يبقى عاجزًا ـ إذا كان لا يملك الوسائل المُعِينة ـ عن تقديم ما يجنِّب ويلات الوباء لإخوانه في الإنسانية والعقيدة والدم، وتقديم ما يحفظ حياتهم من الهلاك، ولكن ما يجب أن يستفيد منه من تلك المشاهد هو أن يملك الوعي والالتزام والتقيُّد بالإجراءات الاحترازية والتعليمات والإرشادات الصحية، فقد أثبتت معظم الدراسات والأبحاث والتجارب في جميع أنحاء العالم فاعلية تلك الإجراءات الاحترازية من خلال النتائج والبيانات التي أنتجتها ومدى صحتها وموثوقيتها، خصوصًا وأن تلك الإجراءات الاحترازية والوقائية تتميَّز بالسهولة عند إتيانها، وتتمثل في المداومة على غسل اليدين وتعقيمهما بالمطهرات والمعقمات ، وارتداء الكمامة، والالتزام بالتباعد المكاني، وتجنُّب التجمُّعات بمختلفها، والابتعاد ما أمكن عن أماكن الازدحام وغيرها. وهنا حين يحرص الجميع على ذلك فإنهم يجنبون أنفسهم مخاطر المرض وانتقال العدوى ويحافظون على سلامة أرواحهم من جهة، ومن جهة أخرى يحققون مبدأ التعاون والمسؤولية الجماعية جنبًا إلى جنب الجهات الرسمية المعنية، وهذا أمر لا بُدَّ منه لتجاوز الكثير من الإشكالات والمخاطر.. حفظ الله الجميع من كلِّ سوء ومكروه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن