الثلاثاء ، 24 ديسمبر 2024
احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / مصر التي في خاطري وفي دمي

مصر التي في خاطري وفي دمي

مسعود بن أحمد بيت سعيد:
تابعنا باهتمام تطورات أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، كما الملايين في دنيا العرب بقلق شديد.
فقد تعثرت مفاوضات كينشاسا الثلاثية دون تقدم، حيث إصرار أديس أبابا على موقفها المتعنت ما زال سيد الموقف، مما يوحي بتطورات خطيرة ستنذر بكارثة كبرى إذا لم تتمكن الحكمة المصرية المعروفة من فرملتها، وخصوصا بعد التصريحات النارية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي دق ناقوس الخطر، حيث لامست تصريحاته المشاعر الوطنية والقومية في أعماق مكنونها.
وأعلنت دول عربية عديدة تضامنها مع مصر العربية، وهو موقف يعبِّر عمَّا يجُول في وجدان كل عربي التوَّاق إلى التضامن العربي المفقود.
ولكن الموضوع أكبر من التضامن اللفظي والذي خبرته الأيام ولم يكن في مستوى التحدي؛ فالشواهد كثيرة ولا حاجة لتعدادها. والحرب ليست نزهة، بل يجب أن تكون آخر الخيارات “ويا ليت لو تستُبعد نهائيا” وعلى كل الحريصين على مصر والأمن القومي العربي أن يفكروا بأعلى درجات المسؤولية في هذه اللحظات المصيرية قبل فوات الأوان.
لا شك مطلقا في قدرة مصر على الدفاع عن أمنها القومي، وهي التي كانت يومًا رأس الحربة في حفظ الأمن القومي العربي، وقدمت الكثير من التضحيات على هذا الدرب، وكذلك في قدرتها على اختيار الوسائل القادرة على حفظ حقوقها ووجودها. لكن يبقى هناك جهد كبير ينتظر الدبلوماسية المصرية المعروفة “تاريخيًّا” بقدرتها على تسويق حقها وجلب التضامن والتأييد الدولي، وعلى استنباط الحلول في الأزمات والملمات الصعبة. يجب أن لا نخضع للانفعال العاطفي الموروث. فمهما أُغلقت الأبواب، ستبقى هناك خيارات، ويجب أن تبقى هناك خيارات، ومصر بثقلها ومكانتها العربية والإفريقية والدولية لا تعجز عن اجتراح الوسائل وتلمس دروب السلام دون تفريط مهما كان الظلام حالكًا.
إن الحروب الاقتصادية والسياسية والإعلامية تفعل فعلها أحيانا بأكثر من فعل البنادق.. وهنا يحق لنا أن نتساءل عن المال العربي، وهل يمكن توظيفه في خدمة الأمن القومي العربي؟ وإذا لم يستخدم الآن، فمتى سيستخدم؟ فهناك استثمارات عربية بمئات المليارات في إثيوبيا قادرة إذا ما تم التلويح بها، بل إن استخدامها وتوظيفها في خدمة الأهداف العربية يمكن أن يقلب موازين القوى رأسا على عقب. لا تستطيع إثيوبيا مهما اعتبرت ذلك غير مجدٍ، وأن الاستثمارات الصينية وغيرها أهم، إلا أن ترضخ في نهاية المطاف، وهي استثمارت لدول أعلنت تضامنها مع مصر.
يجب أن تُستنفد كل الخيارت حتى يصبح أي خيار تقدم عليه مصر العروبة مبررًا ومشروعًا ومفهومًا، بل وممرًّا إجباريًّا وحيدًا. نقول هذا وفي الذهن تجارب التاريخ المليء بالعِبر، وأليم الذكريات، كما قال الزعيم العربي الكبير جمال عبدالناصر. إن الانجرار وراء تأييد شكلي لا يشكل حلا سليما، فالعرب بحاجة إلى مصر القوية، فهي القلعة الوحيدة الباقية في هذا الزمن العربي الرديء، وهناك أطراف متعددة لا تتمنى لها الخير، تسعى لجرها إلى مستنقع إثيوبيا بعد أن عجزت عن جرها إلى مستنقعات وأوحال أخرى.
حفظ الله مصر العربية وشعبها العظيم وجيشها الباسل من كل مكروه.

كاتب عماني Masoudahmed58@gmail.com


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى