برمجيات التعقب (Tracking Software) أو سكربتات التعقب هي برمجيات مهمة لأي صاحب موقع إنترنت أو مدير مشروع، ذلك لأنها الوسيلة الأساسية لمعرفة ما يقوم به زوّار الموقع عليه من نشاطات، وهل هناك فرصة لتحسين هذه النشاطات ودفعها للأمام أم أنه هناك مشكلة معينة تقف في طريق الزوار في أحد الصفحات مثلًا.
ولا يكاد يخلو أي موقع إنترنت مُعاصر اليوم منها، فهي أساسية جدًا لأصحاب ومدراء المواقع ليعرفوا ما النتائج التي تحققها مواقعهم لهم بعد كل هذا الجهد والتعب والاستثمار فيها.
ما فوائد برمجيات التعقب لمواقع الإنترنت؟
يمكننا أن نلخص فوائد هذه البرمجيات بالنسبة لأصحاب المواقع كالتالي:
- معرفة عدد الزيارات الحالية أو الماضية لموقع الإنترنت، ومعرفة عدد الزيارات ومرّات مشاهدة الصفحة لكل صفحة من صفحات الموقع.
- معرفة نوعية الأجهزة والأنظمة التي يستعملها زوّار الموقع، وهذا ضروري للتأكد من عمل الموقع عليها بنجاح وأن هؤلاء الزوار لا يواجهون مشاكل، كما قد يلهم هذا بعض القرارات الإدارية المتعلقة بالمشروع.
- معرفة الكلمات المفتاحية التي بحث عنها الزوار في محركات البحث ليصلوا إلى صفحات الموقع، وبالتالي العمل أكثر على تصدرها عبر تحسين محركات البحث.
- معرفة الصفحات أو المواقع التي جاء منها زوّار الموقع خارج محركات البحث (مواقع اجتماعية، مواقع عادية أخرى… إلخ) وهذا لمعرفة من يتحدث عن المشروع وعلى أي مكان وما الذي يقولونه يا ترى.
- معرفة متوسط سرعة تحميل الموقع على أجهزة المستخدمين، لضمان أنهم قادرون على تصفح الموقع بسرعة وأن ذلك لا يعيق تجربة المستخدم الخاصة بهم.
وفوائد كثيرة جدًا ستكتشفها عندما تبدأ بإنشاء موقعك الإلكتروني وملأه بالمحتوى، ثم تجد نفسك بحاجة إلى برمجية تعقب للزوار لمعرفة ما يجري على موقعك.
أنواع برمجيات التعقب المتوفرة
هناك الكثير من برمجيات وسكربتات التعقب الموجودة في السوق، لكن أبرزها هي:
Google Analytics
أشهر برمجية تعقب لمواقع الإنترنت على الإطلاق، فهو من شركة جوجل وبالتالي يتكامل بالفعل مع بقية خدماتها مثل Google Search Console وغيرها. ويعتبر واحدًا من أكثر الحلول تطورًا على الشبكة، وهو مجاني تمامًا.
ميزة الأساسية Google Analytics هو قدرته على عرض البيانات مباشرةً من خدمات جوجل الأخرى، فيمكنك أن تعرف ما الكلمات المفتاحية التي تتصدر عليها صفحات موقعك في بحث جوجل، كما يمكنك أن تعرف بالضبط مقدار الدخل المادي الشهري من الإعلانات (عبر برنامج Google Adsense إن كنت تستعمله) من كل صفحة من صفحات موقعك، وبالتالي تعمل على تحسين هذه الصفحات لجلب المزيد من الزوار والأرباح.
كما يدعم البرنامج ميزة عرض عدد الزوار الحاليين، أو عدد الزوار الماضين بناءً على عدد من المعلومات التي يمكنك تخصيصها (نوع المتصفح، نوع النظام، الجهاز، الدولة، الصفحات المفتوحة… إلخ)، بالإضافة إلى تعقب التحويلات (Conversion) من أي مصدر بناءً على وسوم التعقب (Tracking Tags) في عناوين الويب، وبالتالي هو برنامج تعقب متطور جدًا.
ويمتلك Google Analytics واجهة ويب بسيطة لكن مليئة بالمميزات، وله تطبيقات على الهواتف المحمولة (مثل iOS وأندرويد) كذلك ليسمح لمدراء المواقع بمراقبة مواقعهم في أي وقتٍ ومكان.
Jetpack
إن Jetpack ليست بتقدّم وتطور Google Analytics، فلا تمتلك ميزة التقاط الكلمات المفتاحية من محركات البحث (أو لا تعمل بنفس الجودة)، كما أنها لا تتكامل مع خدماتٍ خارجية كما يفعل Google Analytics، لكنها برمجية تعقب سهلة وبسيطة لمواقع ووردبريس، فهي إضافة رسمية من شركة Automattic المالكة لنظام ووردبريس، وبالتالي هي معروفة جدًا.
إضافة Jetpack في الواقع هي إضافة مليئة بالمميزات الخارجية التي لا تشمل تعقب الزوار فقط، بل العشرات من الوحدات (Modules) الأخرى المختلفة لتحسين محركات البحث والمشاركة والكتابة والنشر والحماية وتحسين سرعة الموقع وغير ذلك.
تسمح لك ميزة إحصائيات الموقع الموجودة في Jetpack بعرض عدد مشاهدات الصفحة لكل يوم أو أسبوع أو شهر تريده، وعدد المشاهدات حسب كل صفحة، بالإضافة إلى مواقعهم الجغرافية وروابط الويب التي يفتحونها من موقعك وروابط الويب التي يأتون منها إلى موقعك. وهي بالتالي إضافة بسيطة جدًا لا تنافس جوجل أنالايتكس، لكنها مفيدة وتعمل بأريحية لمواقع ووردبريس إن كنت تمتلك واحدًا بالفعل.
وهي أيضًا إضافة مجانية يمكن تثبيتها من متجر إضافات ووردبريس.
حلول مفتوحة المصدر
هناك أيضًا برمجيات مفتوحة المصدر (Open Source) لتعقب زوّار المواقع.
تمتاز هذه الحلول بأنها – في معظم إن لم يكن جميع – الأحيان مجانية، كما أنها قابلة للتعديل والتخصيص على حسب رغبة المستخدم، فالشفرة المصدرية متوفرة ومفتوحة ويمكن لأي شخص الوصول إليها.
ميزة هذه الحلول الحقيقية – غالبًا – هي البساطة وسرعة التحميل؛ فالحلول الأخرى مرتبطة بالكثير من المنتجات للشركات مثل جوجل وأوتوماتيك وغيرها، وبالتالي هي أبطئ في التحميل وتؤثر على سرعة الموقع. كما أن هذه الحلول غالبًا ما تكون متوافقة مع قوانين الخصوصية العالمية مثل GDPR في الاتحاد الأوروبي وCCPA في الولايات المتحدة، وبالتالي هي أفضل للاستخدام للمشاريع التي تستهدف المستخدمين في تلك المناطق فهي تحترم الخصوصية ولا تجمع الكثير من بيانات المستخدمين.
أبرز هذه الحلول مفتوحة المصدر هي برمجية Plausible؛ وهي برمجية بسيطة تسمح بعرض عدد الزوار والمشاهدات لكل صفحات الموقع والمناطق الجغرافية التي يأتون منها وأسماء النطاقات (Domain Names) التي تحيل إليها، كما تسمح بتعقّب وسوم UTM Tags لمعرفة عدد التحويلات من مصادر الزيارات المختلفة.
هناك العديد من البرمجيات الأخرى، مثل Matomo وOpen Web Analytics، ولكلٍ منها مميزات قد لا توجد في الأخرى.
ستحتاج تثبيت إصدار الخادوم (Server) من هذه البرمجيات ثم استضافته على خادومك من أجل استخدامها، فلا يكفي مثلًا إضافة شِفرة جافاسكربت بسيطة كما كنت لتفعل مع Google Analytics إلى موقعك، بل ستحتاج تثبيت نسخة من هذه البرمجيات على خادومك لتعقب الزوار.
كيف تختار برمجية التعقب المناسبة لمشروعك؟
تحديد الأهداف من التعقب
الخطوة الأولى لاختيار الحل الأنسب من هذه الحلول هو تحديد المميزات المطلوبة؛ لماذا تريد تعقب زوارك؟ ما المعلومات الضرورية التي تريد معرفتها عنهم وما هي تلك المعلومات التي لا بأس لك بأن تجهلها عنهم؟ سيجعل هذا عملية البحث سهلة جدًا فأنت تعرف الآن إن كنت تريد برمجية تعقب متطورة جدًا لتعقب التحويلات ومراقبة وسوم UTM أم فقط تريد عرض عدد الزيارات حسب البلدان والوقت والصفحات.
انظر للمميزات التي تبحث عنها وانظر في هذه الحلول المذكورة؛ هل هي موجودة فيها جميعًا؟ إن كان الجواب نعم فيمكنك استخدامها والمقارنة بينها، وإلا فيمكنك استخدام الأداة الأقرب لحالة الاستعمال الخاصّة بك والتي تلبّي أكثر متطلباتك.
لا تستخدم برمجياتٍ توفر لك أكثر بكثير مما تحتاجه في الواقع، فهذا يضيع وقتك وجهدك ويجعلك مشتتًا بين الخيارات المتوفرة.
تحديد سرعة التحميل المطلوبة
لبرمجية التعقب المستعملة تأثيرٌ كبير على سرعة الموقع.
سرعة الموقع عامل مهم جدًا لأخذه بعين الاعتبار، خصوصًا أن جوجل تستعملها كعامل أساسي في ترتيب الصفحات في محرك البحث الخاص بها، وبالتالي إن كنت تريد لصفحاتك أن تتصدر على كلماتٍ مفتاحية معينة في جوجل، فلا بد أن تجعل تلك الصفحات تعمل بأقصى سرعة ممكنة.
بشكلٍ عام يمكن القول أن البرمجيات مفتوحة المصدر هي الأسرع، فحجمها غالبًا ما يكون خفيفًا فهي لا تحوي نفس المميزات التي تحويها الحلول التجارية، كما أنها تحترم الخصوصية افتراضيًا ولا تتكامل مع خدمات شركاتٍ خارجية، وبالتالي هي بطبيعتها لن تعرقل سرعة تحميل الصفحات، بينما تلك التجارية مثل جوجل أنالايتكس وJetpack قد تقوم بإبطاء الموقع، لأنها تقوم بعمل طلبات (Requests) خارجية لمواقع الشركات الأمّ.
إن كانت بضع ثواني أو أجزاء من الثواني لن تؤثر على أرباح نشاطك التجاري فحينها لا مشكلة من تجريب جميع هذه الحلول، لكن إن كنت مهتمًا بحق بعامل السرعة فحينها لا غنىً لك عن الحلول مفتوحة المصدر التي ذكرناها وتثبيتها على خادومك لأفضل أداء.
النظر في موضوع الخصوصية
لقد صرنا في عصرٍ يعيش فيه الناس الكثير من انتهاكات الخصوصية على مختلف المراحل والأصعدة، وبالتالي صار الكثير من المستخدمين يهتمون بخصوصيتهم أكثر من الماضي.
ضع في بالك أن الكثير من المستخدمين يثبتون إضافاتٍ لمتصفحات الويب التي يستعملونها لحظر برمجيات التعقب مثل جوجل أنلايتكس وJetpack، فهذه برمجيات تعقب تجارية تصنفها هذه الإضافات على أنها تنتهك خصوصية المستخدمين، وبالتالي تحظرها افتراضيًا، واستعمالك إياها قد يؤدي إلى عدم رؤيتك مجموعةً لا بأس بها من زوار موقعك بسبب اعتمادك عليها.
بينما معظم الحلول مفتوحة المصدر مثل Plausible لا تُحجب في هذه الإضافات، بل حتى متصفح الويب فيرفكس المعروف بدعمه للخصوصية لا يحظرها، وبالتالي ستلتقط هذه البرمجيات لك 100% من الزوار حتى لو كان يستخدمون إضافات منع برمجيات التعقب.
لهذا عليك أخذ عامل الخصوصية بعين الاعتبار أيضًا، فالمستخدمون لا يحبون أن تُتعقب جميع حركاتهم على مواقع الويب التي يزورونها وقد يتخذون إجراءات مختلفة من طرفهم بناءً على هذا، وهو ما قد يضر بنشاطك التجاري أو موقعك على الإنترنت إن لم تعرف كيف تتعامل مع هذه المشكلة أو على الأقل تقدر حجمها.
خاتمة
لا غنىٍ لأي موقع ويب عن استخدام برمجيات التعقب في النهاية، فهي الطريقة الوحيدة لمعرفة نشاطات الزوار على مواقع الويب وبالتالي معرفة أين تذهب هذه الجهود والأوقات التي يصرفها أصحاب هذه المواقع عليها.
كما أن مميزات التعقّب التي يحتاجها كل موقع ويب تختلف عن الآخر باختلاف النشاط التجاري والمهام المطلوبة، وبالتالي ليست جميع المواقع سواءً في نوعية برمجيات التعقب التي عليهم استخدامها.
التدوينة كيف تختار أفضل برمجية تعقب لزوار موقعك؟ ظهرت أولاً على عالم التقنية.
المصدر: أخبار التقنية
