وليد الزبيدي
من بين الأهداف الخفية للتعاون الوقوف بوجه المد الشيوعي المتغلغل في سوريا بشكل خاص وفي العراق ايضاً، وتواصلت اللقاءات حيث شهد العام اللاحق 1958 لقاءً بين عدنان مندريس مع بن جوريون في انقرة ايضاً، وكان برنامج اللقاء منصباً على زيادة حجم التبادل والتعاون الاقتصادي والعسكري، وفي العام نفسه، تم الاتفاق وتمت ترجمته في المجالات الاقتصادية والعسكرية واقامة جهاز للأمن القومي التركي تحت اشراف الموساد، وشمل التعاون بينهما مجال تبادل المعلومات الاستخبارية. وكان الموساد مهتماً جداً بتزويد اسرائيل بالمعلومات عن الوحدة العربية وعن العراق وسوريا بشكل خاص، وتسهيل مهمة الاتصال بالأكراد في شمال العراق وفي سوريا وإيران، وهكذا نشأ حلف المحيط بين اسرائيل وتركيا وايران، ثم اتسع ليشمل بعد ذلك اثيوبيا واوغندة ليصبح حلفاً خماسياً. ويشير مخطط السياسة الاستراتيجية الاسرائيلية البروفسور (يحزقيال دور) في كتابه (استراتيجية عظمى لإسرائيل) إلى أن التحالف التركي الاسرائيلي يُعد اهم دعامة لأمن المنطقة وتحييد الخطر العربي، الذي يهدد القوى غير العربية في المنطقة، وأن تركيا واسرائيل هما اكبر قوتين خارج النسق العربي، وأن تعاونهما وتحالفهما، سيمنع من ظهور قوة عربية في المنطقة تمارس سياسة مهددة لأمن كل منهما، بل إن في مقدور الدولتين أن يعملا على احداث الانقسامات وتشتيت القدرات العربية.
استمر الاهتمام الاسرائيلي بالمسألة التركية التي نرى أن القادة الاسرائيليين قد اعطوها أهمية خاصة، ففي عام 1960 تم التصديق على اتفاقية التجارة والدفع بين البلدين، وفي السنة اللاحقة 1961 تم عقد بروتوكول تجاري ينظم التبادل التجاري بينهما، وما إن حل عام 1963 حتى تم التوقيع على اتفاق تجاري بلغت قيمته 23 مليون دولار.
إن الحماسة الرامية إلى تعميق العلاقات وتطويرها بين اسرائيل وتركيا، لم تكن من الجانب الاسرائيلي فقط، التي تحتاج إلى تلك الخطوات لأهداف بعيدة المدى، بل إن الاستعداد التركي والترحيب والتشجيع الذي يبديه المسؤولون الاتراك ومنذ الاشهر الاولى لقيام اسرائيل، يؤكد أن هناك أرضية واسعة في محيط صنع القرار التركي، تؤيد منهج التقارب والتعاون وتبادل المنافع وعلى مختلف المستويات. ولم يتوقف التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري والاستخباري والعسكري، فقد شمل ذلك القطاعات المهمة الأخرى ومنها السياحة، حيث بدأ النشاط السياحي بين اسرائيل وتركيا منذ وقت مبكر في بداية الخمسينات، وسرعان ما ادى ذلك النشاط إلى تشكيل هيئة لتنشيط السياحة الشعبية عام 1955م وافتتاح مكتب سياحي لكل بلد في البلد الآخر.