إذا كان التاريخ الإنساني بأحداثه وشخوصه هو ملك للبشرية جمعاء خاصة إذا كانت هذه الأحداث صنعتها شخصيات تخطى تأثيرها بلدانها ليمتد إلى أمم بأسرها .. فإن الواجب الإنساني والذي يتحمله بشكل خاص كل من له صلة بهذه الشخصيات ـ سواء كانت هذه الصلة علمية عبر التبحر في الدراسات والمعارف المتعلقة بالشخصية أو صلة بالهوية عبر من يمثلون أحفاد وامتداد هذه الشخصية ـ فواجب هؤلاء هو التعريف بحقيقة هذه الشخصية والوقوف في وجه أي محاولات لتشويه هذه الحقيقة وذلك إنصافًا لحقوق متعددة مثل حق المعرفة وأيضًا حق الاعتزاز بالهوية وأيضًا تأدية أمانة الحفاظ على التاريخ التي تسلمناها من جيل قبلنا ونسلمها لمن هم بعدنا.
ومن هذا المنطلق تأتي ندوة “المهلب بن ابي صفرة الأزدي العماني التي تهدف إلى جمع لفيف من العلماء والباحثين للتعريف بالبطل الإسلامي والقائد التاريخي مع التأكيد على عمانيته وأصوله من خلال إنتاج علمي مدقق ومدروس وموثق.
فالندوة تهدف في المقام الأول إلى تحليل المصادر العربية والعمانية والغربية التي تحدثت عن المهلب بن أبي صفرة وعمل دراسات مقارنة للأخذ بالأدق منها لا بهدف إثبات عمانية المهلب فهي أمر مفروغ منه، حيث إنه لا توجد مصادر عمانية أو غير عمانية نفت عمانية المهلب فهو عماني وولد في عمان وهاجر إلى البصرة وعاش فيها مثله مثل الخليل بن أحمد وابن دريد وغيرهما وإنما الهدف الرئيسي هو تسليط الضوء على هذه الشخصية التاريخية التي تمثل جزءًا من التراث العماني الواسع والمعطاء.
فثراء التاريخ العماني وامتلائه بالشخصيات يضعنا أمام مسؤولية الدفاع عن شخصيات كرست حياتها لصنع هذا التاريخ قبل أن تغادر دنيانا .. فأقل ما نقدمه لهم هو التصدي لأية محاولات لتشويه هذا التاريخ أو السطو عليه. فكما قال معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية في تصريحه على هامش الندوة “نحن اليوم هنا لنصرة هذا الحق والتاريخ الممتد من مالك بن فهم وإلى ما قبل الملكة شمساء وصولًا إلى حكم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أشرقت في عهده النهضة المباركة التي عمت البلاد والعباد”.
المحرر
المصدر: اخبار جريدة الوطن