زهير ماجد
عام 1958 اندلعت حرب داخلية في لبنان سببها انحياز رئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون الى حلف بغداد، في وقت كانت الوحدة بين مصر وسوريا قائمة، مما كان يعني وجود خطر على الوحدة ممثلا بلبنان من جهة وبالعراق من جهة أخرى، والذي فاجأ العالم والمنطقة بانقلاب قاده عبد الكريم قاسم أدى إلى تصفية الملكية .. هذا الأمر أدى الى خوف أميركي دفعه الى انزال قوات عسكرية في لبنان. لكن الحرب اللبنانية لم تدم سوى شهور قليلة حيث أدى المناخ الدولي الى بعث الاستقرار من جديد، ورأى اللبنانيون، كما كان دائما، صيغة قبلها الجميع وهي شعار لاغالب ولا مغلوب. هكذا انتهت إليه الحرب، لكن الانقسام الداخلي ظل عميقا.
اليوم يؤكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن الحرب على سوريا بدأت نحو النهاية.. كلام رصين مدروس لرئيس الدبلوماسية السورية، ولواحد من الكبار فيها. ولكي يقول كلاما على الهواء فيه الكثير من المسؤولية، فهذا يعني أن ما تشهده سوريا من وقف للنار، (جزم وزير الخارجية الأميركي أنه وصل الى تسعين بالمائة)، ليس مرحلة عابرة بقدر ماهو عملية استكشاف جدية لرمي تلك النار خارجا، وفي ظله سوف تنمو رويدا آمال الحل، ولاأحد يدري ما اذا كانت على طريقة لاغالب ولا مغلوب، أم أن لا أمل إلا بغالب ومغلوب كي يتحقق الحل المنشود.
في الحرب اللبنانية الأخرى التي اندلعت عام 1975 والتي دامت خمس عشرة سنة تقريبا، لم يكن واضحا على الدوام متى تنتهي وكيف، الى ان جاءت إحدى الدراسات المطولة لتؤكد أن من بدأ الحرب هو من ينهيها ، بمعنى أن لعبة الأمم هي المعنية .. وهكذا صار .. صحيح أن اتفاق النهايات حصل في الطائف بالسعودية، لكن الكبار كانوا حاضرين بالضرورة وهم الذين لعبوا أدوار الاتفاق على انهاء الحرب التي أدت الى تقليص دور رئيس الجمهورية ومنح صلاحيات واسعة لرئاسة الحكومة.
لانقول هذا الكلام للتشبيه بين الواقع السوري والواقع اللبناني الذي سبقه، وقد كانت سوريا آنذاك أكثر النافذين في الساحة اللبنانية، بل إنها أعطيت صلاحيات واسعة بعد الاتفاق وحكمت لبنان تماما، برضا عربي ودولي وخصوصا أميركي سعودي.
الحرب على سوريا واقع مختلف، لم يسبق أن عرف لبنان عنفا بهذه الطريقة ولا هجوما عالميا كالذي يجري، ولا مسلحين غرباء جاءوا من أصقاع الأرض، ولا حتى توزعا لآلية الحرب كما هو الحال اليوم على الأرض السورية، ولا شراسة دولية وعربية للقضاء على الوطن السوري وخصوصا جيشه ونظامه ودولته ثم تفتيته .. ثم لم يسبق أن رفع علم في لبنان غير العلم اللبناني، في حين امتلأت سوريا بالاعلام بكل أشكالها ولكل لونه ومعناه وأدبياته، ناهيك عن القوى التكفيرية التي لم يعرفها لبنان أيضا ولا هي دخلت في جلده.
هذه الخصوصية السورية لابد أنها تحتاج لخصوصية حل، ربما، حسبما يرى الوزير المعلم، قد وضعت وتسنى له الاطلاع عليها، أو أنه بناء على المستجدات أصدر حكما كهذا. وبالاعتقاد فان ما قاله الوزير المعلم حقيقي وفي محله كما تناهى إلى أسماعنا، وأول الغيث قطرة في وقف النار واطلاق البحث السياسي ولو في أولياته عبر المؤتمرات الدولية.