يواجه الكونجرس مرة أخرى قرارا خطيرا حول سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. سيوضح التصويت المقبل بشأن الاتفاق النووي للمجموعة 5+1 وإيران المعروفة بخطة العمل المشتركة الشاملة للعالم ما إذا كانت الولايات المتحدة تمتلك الإرادة والشعور بالمسؤولية للمساعدة في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، أو أن ذلك سيسهم في المزيد من المشكلات منها احتمال انتشار الأسلحة النووية. كلمات قوية ولكن بلغة واضحة ربما تكون مفيدة في خضم تنافر أصوات وسائل الإعلام اليوم.
من وجهة نظري، تلبي خطة العمل المشتركة الشاملة الهدف الرئيسي الذي تتقاسمه الإدارات الأميركية الأخيرة من الحزبين، بأن تقتصر إيران على برنامج نووي مدني مع خضوع لتحقيق ومراقبة لم يسبق لها مثيل من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وقد التزمت إيران أن لا تطور أو تحصل على سلاح نووي، ويضمن هذا الاتفاق أن يستمر هذا الوضع لمدة 15 سنة على الأقل ولفترة أطول ما لم ترفض إيران نظام التفتيش والتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي.
لا يوجد خبير أكثر مصداقية بشأن الأسلحة النووية من وزير الطاقة إرنست مونيز، الذي قاد فريق التفاوض الفني. فعندما يؤكد أن خطة العمل المشتركة الشاملة تسد مسارات إيران إلى المواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووي، فعلى المسوؤلين أن ينصتوا. وقد أيد تسعة وعشرون من العلماء النوويين البارزين في الولايات المتحدة تأكيدات مونيز.
ولو أن الولايات المتحدة سلمت إيران اتفاق “العمل به أو نبذه”، مما لا شك لكان ذلك شاقا على إيران. إن الاتفاقات التفاوضية، الوحيدة التي يتم توقيعها في أوقات السلم، هي تنازلات من حيث التعريف. ذلك ما فعله الرئيس ريجان مع الاتحاد السوفييتي حول الحد من التسلح. وما فعله الرئيس نيكسون مع الصين.
ستسمر الخلافات الكبيرة مع إيران حول القضايا المهمة كما كان الحال مع الاتفاقيات الخاصة بالاتحاد السوفييتي والصين، بما في ذلك حقوق الإنسان، ودعم الجماعات الإرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. يجب علينا أن لا نمل من العمل على إقناع إيران بتغيير سلوكها بشأن هذه القضايا ومواجهتها عند الضرورة. وعلى الرغم من أنني أعتقد أنه إذا ما نفذت خطة العمل المشتركة الشاملة بشكل صارم من قبل إيران فستساعد إشراك طهران في القضايا الإقليمية، ولكن علينا أن نتذكر دائما أن هدفها الوحيد هو وقف أنشطة الأسلحة النووية الإيرانية.
وسيتم تعزيز أمن إسرائيل الملتزمه به الولايات المتحدة من خلال التنفيذ الكامل للاتفاق النووي. فإيران تنفذ اتفاقا مرحليا بشكل كامل حيث وضعت قيودا صارمة على برنامجها النووي منذ يناير 2014 بينما كان يجري التفاوض على اتفاق نهائي. وإذا أثبت إيران نفس العزيمة بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة فإن العالم سيكون مكانا أكثر أمانا. وإذا لم يحدث ذلك، فإننا سوف نعرف في الوقت المناسب للرد بشكل مناسب.
دعونا لا ننسى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط لديها القدرة الانتقامية الساحقة. ليس لدي أي شك في أن قادة إيران يدركون جيدا القدرات العسكرية لإسرائيل، وكذلك فإن لدي أعضاء مجلس التعاون الخليجي الجيوش التقليدية المؤثرة، والولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز قدرات دول المجلس.
يجري الكونجرس بطريقة شرعية مراجعة كاملة ويستمع لمؤيدي ومعارضي الاتفاق النووي. ومع ذلك، فإن الجهد الظاهر لجعل خطة العمل المشتركة الشاملة الاختبار النهائي لالتزام الكونجرس تجاه إسرائيل ربما لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات بين بلدين ديمقراطين حيويين. دعونا نكن واضحين: ليس هناك بديل موثوق لو أن الكونجرس منع مشاركة الولايات المتحدة في الاتفاق النووي.
إن انسحبنا فسننسحب وحدنا، حيث عملت القوى الرئيسية في العالم معا بشكل فعال بسبب قيادة الولايات المتحدة. فإذا أدرنا ظهورنا عن هذا الإنجاز سيكون تخليا عن الدور الفريد ومسؤولية الولايات المتحدة، ونسبب الاستياء المبرر بين حلفائنا وأصدقائنا، وسنفقد كل القدرة على التأثير على الأنشطة النووية الإيرانية، وسيتحلل نظام العقوبات الدولية. ولا يجب أن يتوهم أي عضو في الكونجرس بأن أي غزو أميركي آخر للشرق الأوسط سيكون مجديا.
ولذا فإنني أحث بقوة أن يدعم الكونجرس هذا الاتفاق. ولكن هناك ما هو أكثر ينبغي للكونجرس القيام به. ذلك أن التنفيذ والتحقق هما مفتاح النجاح، وللكونجرس دور مهم في ذلك، إذ ينبغي أن يضمن امتلاك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والهيئات الأخرى ذات الصلة وكالات الاستخبارات الأميركية كل الموارد اللازمة لتسهيل التفتيش ورصد الامتثال.
يجب أن يضمن الكونجرس أن الالتزامات بالمساعدات العسكرية، البالستية الدفاع الصاروخي والتدريب التي قدمتها الولايات المتحدة لقادة دول مجلس التعاون في كامب ديفيد في مايو تمول وتنفذ دون تأخير تماما، ويجب أن تضمن أن الولايات المتحدة العمل بشكل وثيق لدى دول مجلس التعاون الخليجي والحلفاء الآخرين لتعديل السلوك الإيراني في المنطقة، والتصدي له عند الضرورة.
أبناء جيلي على هامش صنع السياسات الآن، وهذا هو التطور الطبيعي. لكن عقودا من الخبرة تشير بقوة إلى أن هناك لحظات مصيرية لا ينبغي أن لا تهدر. أدرك ذلك الرئيس نيكسون مع الصين. وكذلك الرؤساء ريجان وجورج بوش الأب أدركوا ذلك مع الاتحاد السوفييتي. وأعتقد أننا نواجه الأمر مع إيران اليوم.
برنت سكوكروفت
مستشار الأمن القومي للرئيس جيرالد فورد وجورج بوش
خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز ـ خاص بـ”الوطن”