باريس ـ وكالات: أدانت السلطنة الهجوم الذي شهدته مدينة نيس الفرنسية أمس وقتل فيه عشرات من المحتفلين باليوم الوطني الفرنسي، حيث قالت وزارة الخارجية من خلال حسابها على موقع تويتر “وزارة الخارجية تعرب عن إدانة سلطنة عمان وبأشد عبارات الاستنكار لعمل الدهس الإرهابي الشنيع الذي شهدته ليلة أمس في مدينة نيس الفرنسية”
في وقت ارتفعت حصيلة القتلى الى 84 على الاقل حيث اقتحمت شاحنة محملة بالاسلحة حشودا من الفرنسيين كانو يحتفلون باليوم الوطني الفرنسي وهو الحادث الذي اثار موجة من التنديد الدولي.
وبعد ثمانية اشهر على اعتداءات باريس الجهادية التي اوقعت 130 قتيلا في نوفمبر، غرقت فرنسا مجددا في مشاهد من الرعب والدماء، وهذه المرة في منطقة سياحية مقصودة جدا على كورنيش “برومناد ديزانغليه” الشهيرة المحاذية للبحر المتوسط، على الكوت دازور.
وفيما كان عرض الالعاب النارية التقليدي احتفالا بالعيد الوطني يشارف على نهايته، انقضت شاحنة بيضاء باقصى سرعة على الحشود المتجمعة بالالاف وبينها العديد من الاجانب، فدهست كل من كان في طريقها على مسافة حوالى كيلومترين.
واعلنت وزارة الداخلية في اخر حصيلة مؤقتة مقتل ما لا يقل عن 84 شخصا. كما اوضح المتحدث باسم الوزارة بيار هنري برانديه لوكالة فرانس برس ان 18 جريحا لا يزالون في حال “حرجة جدا” صباح الجمعة فضلا عن “خمسين جريحا اصاباتهم طفيفة”.
واعلن الرئيس فرنسوا هولاند في خطاب تلفزيوني فجر الجمعة من قصر الاليزيه انه “لا يمكن انكار الطابع الارهابي” لاعتداء نيس “الوحشي”، في وقت لم تعلن اي جهة بعد مسؤوليتها عنه.
وقال ان فرنسا “ضربت يوم عيدها الوطني في 14 يوليو، رمز الحرية”.
ويزور هولاند نيس الجمعة برفقة رئيس الوزراء ماويل فالس الذي عبر عن “المه الشديد”.
وروى الصحافي في وكالة فرانس برس روبرت هولواي الذي كان في المكان ان الاحتفالات تحولت الى مشاهد رعب موضحا “كانت فوضى عارمة (…) وكان بعض الناس يصرخون”.
واضاف “رأيت اشخاصا مصابين وحطاما يتطاير في كل مكان” وقال انه ادرك بسرعة ان “شاحنة بهذا الحجم تسير بهذا الخط المستقيم” لا يمكن الا ان تكون تنفذ “عملا متعمدا”.
وقالت الاسترالية اميلي واتكنز التي كانت على بعد عشرات الامتار من الشاحنة لحظة الاعتداء للتلفزيون الاسترالي “ساد الارتباك والفوضى. لا اذكر اني رأيت الشاحنة آتية”.
واضافت “سمعنا صراخا من حيث كانت الشاحنة. رأينا الناس يجرون باتجاهنا ودون ان نعرف ما يجري استدرنا وبدأنا نجري مثلهم. اثناء ابتعادنا سمعنا طلقات وظننت انها فرقعة العاب نارية. كان الناس يجرون ويتعثرون ويحاولون دخول المباني والفنادق والمطاعم والمواقف التي يجدونها في طريقهم مبتعدين عن الشارع”.
وفي نهاية الامر قتل سائق الشاحنة برصاص قوات الامن بعدما باشر باطلاق عيارات نارية في اتجاههم، بحسب ما افادت مصادر متطابقة.
وقال مصدر مطلع على عمل المحققين انه عثر على “قنبلة غير معدة للانفجار” و”بنادق مزيفة” في الشاحنة البالغة زنتها 19 طنا، كما عثر فيها على اوراق هوية باسم فرنسي تونسي عمره 31 عاما مقيم في نيس ومعروف لدى الشرطة كصاحب سوابق. غير انه لم يتم بعد تاكيد التعرف رسميا على السائق.
وكانت الشوارع مقفرة تماما في منتصف الليل ولا تشاهد فيها سوى سيارات الاسعاف وقوات الجيش والشرطة المنتشرة فيما كانت الجثث ممددة ارضا مكسوة في غالب الاحيان باغطية بيضاء.
وخيم هدوء مفجع على المدينة التي دعي سكانها الى لزوم منازلهم واعلنت الادارة المحلية اغلاق الكورنيش البحري “لمدة غير محددة”.
وسمعت صحافية من شبكة “بي اف ام تي في” قرب مركز للدعم النفسي فتى يصيح “لماذا؟ لماذا هذا المساء تحديدا؟ لماذا عائلتي انا؟”
وفي باريس اعلن هولاند تمديد حال الطوارئ التي كان يفترض ان ترفع بعد 15 يوما، لثلاثة اشهر اضافية. وتجيز حال الطوارئ التي اعلنت في اعقاب اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر القيام بعمليات دهم بدون اذن من قاض وفرض الاقامة الجبرية على مشتبه بهم.
كما اعلن استدعاء الاحتياط من المواطنين “لتعزيز صفوف الشرطة والدرك”، مشيرا الى امكان استخدام هؤلاء الاحتياطيين في “مراقبة الحدود”.
واثار الاعتداء وهو الاضخم في اوروبا منذ اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس واعتداءات 22 اذار/مارس 2016 في بروكسل، موجة استنكار في العالم ونددت الامم المتحدة بعمل “وحشي وجبان” فيما دان الرئيس الاميركي باراك اوباما “اعتداء ارهابيا مروعا” واكدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل “وقوف المانيا الى جانب فرنسا في مكافحة الارهاب”.
كما استنكرت ابو ظبي والرياض الاعتداء الذي وصفه وزير الخارجية والتعاون الدولي الامارات الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان بـ”جريمة ارهابية بشعة” فيما عبر مصدر مسؤول سعودي عن “ادانة المملكة باشد العبارات لعملية الدهس الارهابي الشنيع”.
وندد الفاتيكان “باقصى العبارات باي مظهر جنون قاتل وحقد وارهاب واي اعتداء على السلام”.
وفي فرنسا ندد المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية “باشد الحزم” الاعتداء.
وبعدما واجهت مرتين العام الماضي اعتداءات ارهابية غير مسبوقة اوقعت 17 قتيلا بين 7 و9 كانون الثاني/يناير و130 قتيلا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، كانت فرنسا تعيش في هاجس اعتداءات جديدة بالرغم من انتشار جهاز امني ضخم تم تعزيزه بشكل كبير.
ويهدد تنظيم الدولة الاسلامية الذي تتقلص مناطق سيطرته في العراق وسوريا، بشكل متكرر بضرب فرنسا انتقاما لمشاركتها في التحالف العسكري الذي تقوده واشنطن ضده في هذين البلدين.
واكد هولاند بهذا الصدد “ما من شيء سيجعلنا نتخلى عن عزمنا على مكافحة الارهاب وسوف نعزز اكثر تحركاتنا في سوريا كما في العراق. اولئك الذين يستهدفوننا على ارضنا سنواصل ضربهم في مخابئهم”.
احبطت فرنسا عدة خطط لشن اعتداءات منذ اكثر من عام لكن السلطات كانت تخشى وقوع اعتداءات جديدة بمناسبة كأس اوروبا لكرة القدم التي انتهت مبارياتها الاحد بدون تسجيل اي حادث.
واختصر وزير الخارجية جان مارك ايرولت زيارته لمنغوليا حيث يشارك في قمة “أوروبا-آسيا” بعد الاعتداء.
وقال “اقول للفرنسيين ولسكن نيس الذين اختبروا اصعب المحن بهذه الماساة، هناك تضامن عفوي وصادق مع الشعب الفرنسي سواء من الدول الاسيوية او الاوروبية”.