نواف أبو الهيجاء
اختلق في هذه الأيام صراع عبثي جديد عنوانه (العودة أم التوطين)؟ وتشتد النقاشات في الساحة الأردنية تحديدا، والسجال أصبح يوميا في استعادة لظاهرة مقيتة اسمها: هذا أردني وذا فلسطيني. إلى حد نسيان الحقيقة الساطعة وهي التي أشار إليها مسؤول أردني رفيع بالقول: الكيان الصهيوني هو الخطر وليس الوطن البديل. أجل الكيان الصهيوني هو الخطر المحدق بالوجود العربي كله. ولو كانت القضية محصورة بفلسطين لانتهت من زمن ولكن الأطماع العنصرية الصهيونية لا تتوقف عند حدود فلسطين المحتلة: إنه الخطر الداهم الذي يهدد المصير القومي للأمة العربية.
الذين يرفضون (الوطن البديل) هم في الحقيقة مجمل شعبنا الفلسطيني؛ لأنه يريد تحرير كامل ثراه الوطني المغتصب من الصهاينة. إذًا أسطورة الوطن البديل فزاعة فتنة أوجدها الصهاينة أنفسهم حين طرحوا منذ زمن فكرة أو مؤامرة أن يكون الأردن هو الوطن البديل للشعب الفلسطيني. غابت الفكرة حينا ثم أطلت برأسها في هذه المرحلة في خضم حال العرب المتردية التي أنتجها ما يقال إنه (الربيع العربي) .. وحين أصبحت القضية الفلسطينية في آخر سلم أوليات النظم العربية عموما بعد كانت الأولوية لها كقضية مركزية للأمة العربية. ومما شجع على ظهور أنياب الفتنة اليوم هو هذا التعتيم وهذه الضبابية المقصودان من الأطراف الثلاثة (الأميركان والكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية) حول خطة إطار كيري وزير الخارجية الأميركي.
هذه الضبابية مقصودة تماما إذ خلالها يتم انتعاش الأحاديث المتناقضة حول الاتفاق وعدم الاتفاق .. الحل النهائي والحل المؤقت .. قضية حق العودة واللاجئين .. المفاوضات بين الأطراف الثلاثة: أهي جارية على قدم وساق سرا أم أنها متوقفة؟ هل تنتهي بانتهاء المدة المقررة لها: أي الأشهر التسعة التي قاربت على الانتهاء أم أن الولايات المتحدة قررت تمديدها لتسعة أشهر أخرى أو حتى نهاية العام 2014م؟
كل هذا يساعد على البلبلة وعلى الاجتهادات والتكهنات وبالتالي يزيد الاضطراب والحال الراهنة في الأردن خير دليل. إن البوصلة الحقيقية لكل عربي ومسلم يجب أن تكون فلسطين العربية المحتلة. وإن مقياس إخلاص أو لا إخلاص أي نظام حكم عربي أو إسلامي إنما يتقرر بمدى الحرص على حقوق الشعب الفلسطيني وفي المقدمة حق العودة وحق الشعب الفلسطيني في ممارسة الكفاح بكل أنواعه بما في ذلك الكفاح المسلح لاسترداد الحق العربي ـ الإسلامي في فلسطين.
نبذ الفتنة يكون بالتصدي لمن يسعى إليها وبالتوكيد على أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين وكل منهما ملك أمة العرب كما هي حال بقية الأقطار العربية. وأن الواجب القومي وحق الدفاع المشروع عن النفس يحتم أن يكون العرب كلهم فلسطينيين حتى التحرير.