زهير ماجد
حدد الأمين العام للجهاد الإسلامي رمضان شلح جوهر ما يجري في غزة أنها ستغير المعادلات .. ربما لم يفهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي مازال مصرا على تحميل الفلسطينيين وزر العدوان دون أن يتقدم خطوة في هذا المفهوم..
أما شلح فقد أصر على موقف المقاومة ككل: إما الانصياع لما تريده غزة، وإما الحرب مستمرة .. هذا الكلام تفهمه الدبلوماسيات عامة، فتراه مخيفا الى أبعد الحدود .. اذ لايعتقد أن كيري الذي جاء بناء على طلب من رئيسه أوباما كما قيل، يريد مفاوضات او يسعى اليها، بصريح العبارة جاء المسؤول الاميركي بعدما تأكد له ان اسرائيل غارقة في مستنقع غزة وان انقاذها الآن مطلوب وبسرعة .. صحيح أنه لم يأت قبل هذا الوقت ظنا أن الاسرائيلي قد يحسم الموقف خلال ايام قليلة، وان بعض العربي طلب منه التروي للخلاص من غزة، وعندها يأتي للاشراف على اللحظات الأخيرة لها، إلا أن ما جرى عكس ما تمنى وتمنى معه الآخرون المتعاضدون مع اسرائيل، فكان لابد من التنازل الفوري.
لم يعد خافيا أن فشل إسرائيل في معركتها البرية مازال يدفعها للثأر من الأبرياء أطفالا وشيوخا ونساء. إنها اللعبة التي يهواها العقل العدواني الذي نعرفه منذ زمن بعيد.. لم يعد أمام الإسرائيلي الذي يغرق أكثر فأكثر في أوحال غزة، وتبرز حكايات بطولية عما يفعله المقاومون الغزاويون الى الحد الذي بات الوضع الإسرائيلي بحاجة لانقاذ ، بل بحاجة لمن يتدخل..
نتنياهو الذي يشعر بحراجة موقفه، يسعى إلى فتح نوافذ تتيح له أن يخرج بشرف من المعركة، وأن يتمكن ولو صوريا تقديم شهادة لشعبه الخائف والمذعور من نجاحه في مهمته .. لكن الإعلام الإسرائيلي لايخفى عليه شيء، يمكنه أن يقدم شهادات معاكسة لما يريده نتيناهو الذي يحاول شراء الأصوات المفترض أنها معاكسة لرياحه.
مهما وسع الجيش الإسرائيلي من أعماله العدوانية فلن يرتجى له نفعا .. ومهما غير من خططه، فالواضح أنه إنما يغير من حالة صعبة إلى أخرى مزرية، ومن مستنقع إلى مستنقع. إذن المطلوب تعويم نتيناهو كيلا يسقط بالضربة القاضية، فعندما تفتح التحقيقات بكيفية سقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى من جيشه، ستقال كلمات سيسمعها لأول مرة، وهي التي ستهز غطرسته وكبرياءه، وسيكون عندها عائما على وجه البحر كالقشة التي تلاطمها الأمواج.
صحيح أن المقاتلين الغزاويين المقاومين ليسوا في وضع مريح، لكنهم أكثر راحة مما يعتقد، بل هم الآن في عناق مع النار التي انتظروها كي يكتبوا التغيير، ليس في نتائج المعركة على غزة ذاتها، بل على ملفات بالجملة في منطقة يعيش فيها العبث في أوجه، وتقرع أبوابها من جهات مختلفة ” داعش ” التي لاتنتمي إلى عصر سوى إلى قمة التخلف ، .. وباختصار يمكن القول، إن اللطمة القوية التي أرادها الأميركي – الإسرائيلي من خلال إطلاق “داعش ” هاهو ينال أقوى منها بكثير في غزة، أما تصحيح مقابل تصحيح وأما لانهاية لمعارك غزة التي تم فتحها كيلا تغلق إلا على اعتبارات استراتيجية، ولهذا يصر الأمين العام شلح أن هذه المعركة ستغير أوضاعا، بل ستكتب تاريخا عميق الجذور.