لطالما كان الإنسان العماني هدفًا وغاية للتنمية الشاملة والمستدامة التي جاءت بها النهضة المباركة اعترافًا بدوره في بلوغ الغايات والأهداف المنشودة نحو رفع أعمدة الدولة العمانية العصرية، فإن النظرة إلى الإنسان العماني كانت نظرة مساواة واعتراف وتقدير، يشترك فيها كل من الإنسان السوي وذو الإعاقة، والرجل والمرأة على حد سواء، فلم تفرق النهضة المباركة بين جنس وآخر، أو بين لون وآخر، أو بين سليم الجسم والعقل وذي إعاقة، وإنما هؤلاء جميعًا يشتركون في الوطنية والحقوق والواجبات والمسؤوليات دون استثناء.
لقد كان النهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وتقديم جميع أشكال الرعاية لهم والعناية بهم أحد العناوين الوطنية التي مضت تحتها كل البرامج والخطط التنموية، تعليمية وصحية واجتماعية واقتصادية وغيرها، فكان ذوو الإعاقة جزءًا لا يتجزأ من الموارد البشرية التي أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ دورها في تحقيق الأهداف المنشودة، وفي مسيرة البناء والتنمية، والتي شدد على أهمية تقديم برامج التعليم والتدريب والتأهيل ورفع استعدادهم وجاهزيتهم وإعدادهم للحاضر والمستقبل.
تلك العناوين ومظاهر الاهتمام، وخصوصًا بالأشخاص ذوي الإعاقة لا تزال تحكي قصة النجاح الكبير لمسيرة النهضة المباركة تجاه هذه الفئة، وإذا كانت قيمة أي مجتمع تقاس بمدى نجاحه في تقديم صور العون والمساعدة، وتوفير الحقوق وضمانها لهذه الفئة، فإن السلطنة عبر نهضتها المباركة كانت من الدول السباقة في هذا المضمار، ما جعلها تحتفظ لنفسها مقومات النهوض الأخلاقي.
وما يميز نجاح السلطنة ويعكس البعد الأخلاقي للمجتمع العماني، وبمدى تحليه بالقيم والمبادئ والتراحم والتكاتف هو الشراكة التي تمضي من خلالها مسيرة الاهتمام بفئة ذوي الإعاقة، والتي يشترك فيها القطاعان العام والخاص، وأفراد المجتمع من ذوي أيادي الخير والتطوع، راسمين لوحة وطنية جميلة أكدت المساواة وأن الإنسان ذا الإعاقة إنسان قادر ومعطاء، ولا يقل عن الإنسان السوي في شيء، فإذا كانت إعاقته في عضو أو حاسة ـ فهي رغم أنها ابتلاء من الله ولحكمة منه ـ إلا أن الله عوَّضه عنها في أعضاء وحواس أخرى.
لذلك، وبعيدًا عن الكلام الإنشائي فإن واقع ما يقدمه ذوو الإعاقة من إسهامات في ميادين العمل هي التي تؤكد حقيقة الإيمان بقدراتهم، وتساويهم في الحقوق والواجبات والمسؤوليات، فضلًا عن إنجازاتهم في مجالات مختلفة كالرياضة على سبيل المثال.
واعترافًا بدور الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديرًا لإسهاماتهم وعطاءاتهم، واستمرارًا لمسيرة الرعاية والاهتمام بهم، والاعتراف بحقوقهم، حرصت السلطنة على مشاركة دول العالم الاحتفال بمناسبة يوم المعاق العالمي، حيث تناغمت في مظاهر الاحتفال معاني الشراكة الاجتماعية والتكافل الإنساني، والتأكيد على دور ذوي الإعاقة؛ ففعاليات كرنفال قوس الألوان الثاني الذي اختتمته جمعية رعاية الأطفال المعوقين هي ترجمة عملية لحقيقة واقع هذه الفئة في ضمير هذا الوطن ونهضته المباركة، فلهم كل التقدير منا.
المصدر: اخبار جريدة الوطن