شكل الاهتمام بصحة الإنسان العماني منذ بزوغ فجر النهضة المباركة التي قاد مسيرتها المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ ويقودها اليوم بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ شكل علامة بارزة، ورصيدًا حقيقيًّا في تاريخ هذه المسيرة الظافرة، حيث النظرة إلى حياة الإنسان وصحته على أنهما أغلى شيء وأعلى ثمن، وبالتالي من الواجب أن يتنامى الدور ويعلو الهاجس نحو المسارعة إلى مساعدة الإنسان في الحفاظ على حياته وصحته في حال كان هناك ما يهددهما.
ومثلما سجلت مسيرة النهضة المباركة والمواقف الصادقة لجلالة السلطان الراحل ـ غفر الله له ـ محطات تاريخية خالدة في سبيل حماية المواطن من جميع الأخطار، وتأمين كل ما يحفظ حياته وصحته وراحته وعيشه واستقراره، وتوفير الأسباب اللازمة وبذل كل جهد ممكن في سبيل رعاية حقوقه، فإن هذه المسيرة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ أيده الله ـ تمضي على النهج ذاته مسجلة محطة تاريخية رائعة، وذلك بمتابعة جلالته الشخصية لتطورات فيروس كورونا “كوفيد 19″ الذي صنفته منظمة الصحة العالمية وباء عالميًّا، حيث جاءت الأوامر السامية من لدن جلالته ـ أبقاه الله ـ بتشكيل لجنة عليا تتولى بحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19″ وذلك في ضوء المعطيات والمؤشرات الصحية المستجدة، وما يصدر عن منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن.
ما من شك أن هذه الأوامر السامية من لدن جلالته ـ أعزه الله ـ والتي تؤكد متابعته الشخصية والأمينة والدقيقة للتفاعلات الحاصلة، والتطورات المتسارعة على المسرح العالمي جراء تفشي هذا الوباء وما أحدثه من خسائر بشرية واقتصادية، تعطي بُعدًا نفسيًّا مرتبطًا بعنصر الطمأنينة إلى استعداد الجهات المعنية لحماية الصحة العامة في بلادنا ووضع كل الاحتمالات. وما يؤكد اهتمام جلالة السلطان المعظم بضرورة سرعة الوصول إلى المعالجات السليمة ووضع الخطوات اللازمة للاستعداد ومواجهة الوباء، والسيطرة عليه، وعدم السماح بانتشاره في المجتمع، وحرصه على ألا يتسبب هذا الوباء بما تسبب فيه في عدد من دول العالم، جاء انعقاد اللجنة العليا بمتابعة الوباء وتطوراته سريعًا متخذة قرارات عاجلة بعد نقاشات مستفيضة بين أعضاء اللجنة ممثلي مختلف الجهات المعنية ذات العلاقة، وذلك من أجل أخذ الاحتياطات اللازمة واتخاذ الخطوات المبكرة لاحتواء الوباء وانتشاره، فما اتخذته اللجنة من قرارات يبدأ تطبيقها اليوم الأحد الخامس عشر من مارس 2020م ولمدة ثلاثين يومًا، يمثل خطوات استعداد ومعالجات جيدة، من حيث تقليل فرص انتشار الوباء كتعليق الدراسة في المؤسسات التعليمية كافة، وقصر حضور الجلسات في المحاكم على المعنيين بالقضايا فقط، وفي كل مؤسسة أو مكان تشهد تجمعات بشرية، كالأماكن المصرحة التي تقدم فيها الشيشة، وإيقاف استقبال السفن السياحية وإصدار التأشيرات السياحية. وهذه الاحترازات تعد ضرورية وتعاطيًا متناسبًا في سياق الوقاية والاستعداد، فضلًا عن بقاء اللجنة المكلفة في انعقاد مستمر لمتابعة ورصد أي تطورات تتطلب التدخل واتخاذ ما يتناسب من قرار وتوصية. كما أن هذه القرارات الاحترازية لكي تحقق نجاحها لا بد من تكاتف الجميع وتضافر الجهود المجتمعية والمؤسسات المختلفة العامة والخاصة، ولا بد من توافر اللازم حيالها، وذلك بالاستماع إلى الإرشادات والنصائح الصحية المتعلقة بالحد من انتشار فيروس كورونا وتنفيذ هذه النصائح والإرشادات والالتزام بها، والبقاء في المنازل، وعدم الخروج إلا عند الضرورة القصوى، وتجنب التجمعات، فتعليق الدراسة على سبيل المثال هو من أجل الحفاظ على صحة فلذات أكبادنا، والحفاظ على أجيال النهضة، فهم ثروة هذا الوطن تدعو إلى صونها والمحافظة عليها، وبالتالي على أولياء الأمور والأسر كافة أن تتحلى بالقدر اللازم من الوعي تجاه هذا الأمر، ومساعدة الجهات المعنية في مواجهة المرض والحد من انتشاره. حفظ الله عمان وشعبها وسلطانها والمقيمين فيها من كل سوء ومكروه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن
