احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن : المؤسسات .. أساس تلاحم الدولة الوطنية

رأي الوطن : المؤسسات .. أساس تلاحم الدولة الوطنية

في خضم ما تشهده الدول العربية والعديد من دول العالم اليوم من تطورات وأحداث وخلافات، وخصوصًا منطقتنا العربية على خلفية ما سمي بـ”الربيع العربي” الذي بعثر مفهوم الدولة الوطنية أو الدولة القطرية، وكشف عن هشاشة العلاقة القائمة بين أفراد المجتمع الواحد، وهشاشة العلاقة بين مكونات من الشعب والحكومات، ما سمح بدخول الأفكار الدخيلة والغزو الثقافي والفكري، والإيقاع بين مختلف مكونات المجتمع تقوده قوى لا تبغي الاستقرار والأمن، ولها أهداف وأجندات ومشروعات خاصة تسعى إلى تحقيقها. في خضم كل ذلك، تبدو على الجانب المقابل قوة العلاقة القائمة في السلطنة بين أفراد الشعب بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم وأعراقهم ومعتقداتهم وبين القيادة والحكومة، ما انعكس ذلك على الاستقرار والتنمية والأمان، وعزز السلام الاجتماعي، ورسخ العلاقة، وجعل الجميع يشعرون بمسؤولياتهم والقيام بواجباتهم انطلاقًا من وعيهم بما لهم من حقوق وعليهم من واجبات، وأعطى لمؤسسات الدولة مكانتها وهيبتها ورسوخها.
السلطنة قدمت شهادة استحقاقها على أنها واحة للسلام والتسامح والمحبة ولاحترام الحقوق والحريات، أخذ الجميع يستظل بظلالها، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين أو زوارًا، وذلك بفضل الإرث التاريخي والحضاري لعمان وطبيعة الشخصية العمانية التي برزت في التاريخ على أنها دولة وشخصية مسالمة ومتسامحة ومتحابة ومتآلفة ومحتضنة مع الآخر، تؤمن بقدرات الآخر وإمكاناته، وتحترم حقوقه، وقد ضربت أروع الأمثلة وأنصعها على ذلك، وترسخت هذه الصورة وهذه المكانة في هذا العهد الزاهر الذي قاد نهضته بكل حكمة واقتدار المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ وذلك بفضل ما تمتع به جلالته ـ غفر الله له ـ من سمات ومواهب وقدرات وإمكانات وحكمة وبُعد نظر واستشراف لآفاق المستقبل، تفرد بها فنفض غبار الزمن على تاريخ عمان العظيم، وعن إرثها الإنساني والحضاري والثقافي، وأعاد تلك الصورة الحية، وذلك الاحترام للشخصية العمانية، وأعاد بناء دولة المؤسسات والقانون ما أكسبها الصيت والقوة، ونظم العلاقة بين أفراد المجتمع، وبينهم وبين الحكومة، حيث يمثل النظام الأساسي للدولة ـ بما احتواه من أبواب ومواد ـ الحصن الحصين لحقوق البلاد وسيادتها وأمنها واستقرارها، وواجباتها، ولحقوق المواطنين والمقيمين وواجباتهم، وأرسى قواعد العلاقة والأمن والأمان والعدالة والمساواة، وأعطى القضاء الاستقلالية، وكفل الحريات واحترام حريات الآخرين وعدم التعدي عليها.
وما يعزز الانطباع عن النجاح الكبير للنهج الحكيم، والفطنة وحسن السياسة والاختيار الناجح لركائز بناء الدولة العمانية العصرية ـ دولة المؤسسات والقانون المكتسبات التي تحققت للمواطنين والمقيمين، وسيادة السلام الاجتماعي، وغرس التكافل والتراحم والتعاطف وحب الخير واحتضان الآخر والتسامح لتكون ثقافة تجري مجرى الدم من العروق، فتلك المكتسبات من احترام للحقوق والحريات واحترام لمبدأ العدالة والمساواة، والمشاركة في صنع القرار والبناء والتنمية، ورسم خطط التنمية وإعداد مشروعات القوانين، رسخت الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وأكسبت البلادة قوة وصيتًا، فعززت بدورها قيم الولاء والانتماء والعرفان.
وما يشيع مظاهر الاطمئنان على حاضر عمان ومستقبلها هو تفرد قياداتها بالحكمة وبُعد النظر والرؤية المستنيرة، حيث يبدو ذلك في أروع تجلياته الوطنية وأنقى صوره اليوم من خلال ما أكده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ عن استمرار النهج الذي اختطه جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ والتأسي بخطاه، والتأكيد على تعزيز المكتسبات الخاصة بالوطن والمواطن والمقيم، واحترام الحقوق والواجبات، فقد قال جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ أيده الله ـ في خطابه التاريخي السامي الذي تفضل بإلقائه في الثالث والعشرين من فبراير الماضي: “إن مما نفخر به، أن المواطنين والمقيمين على أرض عُمان العزيزة يعيشون بفضل الله في ظل دولة القانون والمؤسسات، دولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، قوامها العدل، كرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة، بما في ذلك حرية التعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة”.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى