تُشكِّل انتخابات المجالس البلديَّة التي انطلقت اليوم الأحد لحظة فارقة في تاريخ عُمان الحديث؛ نظرًا للصلاحيات الجديدة التي ستحظى بها تلك المجالس، في خضمِّ توجُّه البلاد نَحْوَ اللامركزيَّة، وإعطاء المحافظات دورًا أكبر في الانطلاقة التنمويَّة الجديدة، والتي ظهرت ملامحُها في التوجيهات السَّامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ التي تسعى إلى تجديد شباب النهضة العُمانيَّة المباركة، وتوزيع عادل لعوائد التنمية الشاملة المستدامة، من بوَّابة تفعيل أدوار المحافظات، واستثمار مواردها الخاصَّة، والاستفادة من مُقوِّماتها، وجعل التنمية في كُلِّ محافظة تعتمد على ما تملكه المحافظة من إمكانات ومُقوِّمات اقتصاديَّة واجتماعيَّة، تُحقِّق الفارق في المستقبل القريب.
ومن هذا المنطلق، فقد بات المواطن العُمانيُّ ـ في كافَّة رُبوع عُمان ـ مطالبًا بأنْ تكُونَ اختياراتُه مبنيَّةً على الكفاءة وحْدَها دُونَ غيرها، وعدم الانسياق وراء أيِّ أسباب أخرى تخلُّ بمعيار الكفاءة، وذلك لِمَا تُشكِّله هذه المجالس من أهميَّة في المرحلة الراهنة والمستقبليَّة، وللدَّور المَنوطِ بها أنْ تؤدِّيه في توجُّه البلاد نَحْوَ إحداث نقلةٍ تنمويَّة كبرى تتَّسم بالاستدامة، وتسعى إلى تحقيق رؤية عُمان 2040 الطموحة، والعمل على رفد الاقتصاد الوطنيِّ بمُقوِّمات جديدة، تفتح الآفاق نَحْوَ الوصول إلى التنويع الاقتصاديِّ المأمول، وغيرها من الأهداف الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، التي ستضع البلاد في موقع الريادة الذي يليقُ بمكانتها الإقليميَّة والعالميَّة. فحُسْن الاختيار أضحى واجبًا وطنيًّا لكُلِّ مواطن.
إنَّ عمليَّة التصويت التي حرصت الجهات المنظِّمة أنْ تتمَّ وفق تطبيق “أنتخب” الذي صُمِّم وفق معايير أمنيَّة وأخذت به كُلُّ الاحتياطات حتى يستطيعَ المواطن الانتخاب بكُلِّ سريَّة، ولا يستلزم منه الأمر سوى دقائق معدودة، ستكُونُ عمليَّةً سلسةً كما هو متوقَّع. فالتطبيق متاح على المتاجر الإلكترونيَّة للهواتف الذكيَّة لهواتف IOS وهواتف الأندرويد، فقد تمكَّنت سلطنة عُمان من تطوير طُرق وآليَّات التصويتِ في الانتخابات بشكلٍ يواكب تطوُّرات العصر، فتطبيق (أنتخب)، يُتيح للناخبين الإدلاء بأصواتهم في انتخابات المجالس البلديَّة بسهولة ويُسْر، ويبقى اختيار 126 عضوًا بالمجالس البلديَّة في كافَّة محافظات البلاد من بين 727 مترشحًا منهم 27 امرأة، مهمَّةً وطنيَّةً خالصة، حيث تمتلك المجالس وفق مهمَّاتها وواجباتها، أهميَّة كبرى.
إنَّ الانتخابات التي تجرى اليوم تَسير على أُسُس تتَّسق مع نظام المحافظات واللامركزيَّة والإدارة المحليَّة للمحافظات تحقيقًا لأهداف لرؤية عُمان ٢٠٤٠، حيث يختصُّ المجلس البلديُّ في فترته التي تمتدُّ أربع سنوات في كُلِّ محافظة بإبداء الرأيِ بشأن مشروعات خطط التنمية في نطاق المحافظة، والمشروعات الإنمائيَّة فيها وأداء فروع الوحدات الحكوميَّة الخدميَّة، والمواقع المقترحة للمشروعات التنمويَّة، والخدميَّة، والاقتصاديَّة، والمخططات العمرانيَّة واحتياجات المحافظة من المرافق العامَّة، والخدمات الحكوميَّة، والمشروعات المتعلِّقة بها، وإبداء التوصيات المتعلِّقة بالصحَّة العامَّة، واقتراح لوائح الاشتراطات الصحيَّة الخاصَّة بالأنشطة ذات الصِّلة بالصحَّة العامَّة والمشاركة مع الجهات المختصَّة في تقرير المنفعة العامَّة وغيرها من الاختصاصات التي تستلزم عضوًا يمتلك الدراية الكاملة بما تحتاجه المحافظة، ويملك المؤهلات اللازمة للاضطلاع بهذا الدَّور الكبير، فقد نظَّم نظام المحافظات الملامح الرئيسة والأدوار التي ستُعزِّز مكانتها على خريطة العمل المؤسَّسي في القطاعَيْنِ العامِّ والخاصِّ.
المصدر: اخبار جريدة الوطن