عند المحن تتخذ الحكومات كافة الإجراءات من أجل حماية مواطنيها وتأمين سلامتهم، واستقرارهم، والحفاظ على أمنهم واطمئنانهم انطلاقًا من مسؤوليتها التي تكفلت بها، وتحرص كل الحرص على الوفاء بها، وفي المحن والشدائد تظهر قدرات الدولة بجميع قطاعاتها، وتبرز عزائم الرجال في أجلى الصور الوطنية وروح المسؤولية وأجملها.
اليوم وما نشاهده من أدوار وطنية ومسؤوليات رائعة تقوم بها السلطنة وقطاعاتها كافة المدنية والعسكرية جراء الحالة المدارية التي تتعرض لها محافظة ظفار لتبدو كخلية نحل، حيث ترسم تلك السواعد أجمل الصور الوطنية المعبرة، وتعيد البسمة والجمال لتلك القطعة الجميلة التي تأثرت جراء المنخفض المداري العميق الذي شاءت إرادة الله أن يكون في ذلك الجزء الغالي من أرض عمان الحبيبة، عاكسة أنقى صور التكاتف والتلاحم وتضافر الجهود التي تتميز بها عمان عبر تاريخها.
ليس ثمة أحن على الوطن من قلوب أبنائه، وليس ألطف على تراب الوطن من سواعد أبنائه، فعلى الرغم مما خلفه المنخفض من أضرار طالت بعض الطرق والمنازل وغير ذلك إلا أن البلاد بكل مؤسساتها وقطاعاتها كانت حاضرة متابعة وراصدة حجم الأضرار، ومتدخلة لإصلاحها، في صورة أكدت عمق الترابط والتضافر والتكاتف وعمق الثقة والتجربة، ما أعاد الثقة والاطمئنان إلى الأنفس المثقلة بهموم شتى، وأكد القناعة المطلقة بحتمية التماسك والأدوار المطلوبة عكست معالمها وصورها الوطنية الرائعة المعبرة تلك السواعد الفتية التي آلت على نفسها أن تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه، بل وإلى الأفضل والأجمل بإذن الله.
إن ما تقوم به مؤسسات الدولة وقطاعاتها المدنية والعسكرية من أجل مواجهة تأثيرات المنخفض المداري العميق في محافظة ظفار ليثلج الصدر ويبعث على الثقة والاعتزاز، ويؤكد الخصوصية العمانية وتفرد الإنسان العماني في السراء والضراء، سواء كان ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي، أو على مستوى الحكومة أو على مستوى المجتمع المدني أو على مستوى القطاع الخاص، حيث الكل على قلب رجل واحد، يسعى إلى هدف واحد، الأمر الذي كان له أبلغ الأثر ورسم صورة وطنية على صفحة هذا الوطن العزيز.
وكما هي العادة فإن قوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية ومعهما المؤسسات المدنية ومؤسسات المجتمع المدني، دائمًا عند الموعد، وذلك في إطار المهام والواجبات الوطنية التي تضطلع بها، وضمن خططها الدائمة للمساهمة في إدارة الحالات الاستثنائية، فقد سخرت قوات السلطان المسلحة إمكاناتها وقدراتها المادية والبشرية للتعامل مع التأثيرات المصاحبة للحالة المدارية التي تتعرض لها محافظة ظفار، مؤكدة على قدرتها في التعامل مع متغيرات الحالة، وتفعيل خططها الدائمة وتطويرها وفقًا لمستجدات الحالة المدارية ومتطلبات الدعم والإسناد للقطاعات الحكومية الأخرى بالمحافظة، وذلك بمتابعة مستمرة من صاحب السمو السيد شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، وبإشراف مباشر من الفريق الركن أحمد بن حارث بن ناصر النبهاني رئيس أركان قوات السلطان المسلحة وقادة أسلحة قوات السلطان المسلحة، وبالتنسيق الدائم والمستمر مع الجهات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة. كما تقوم شرطة عمان السلطانية بدورها المقدر والملموس في عمليات الإسعاف والإنقاذ والإرشاد والتوعية، ومراقبة الطرق وتجمعات المياه ومجاري الأودية وتوجيه المواطنين والمقيمين وتوعيتهم وبمتابعة من معالي الفريق حسن بن محسن الشريقي المفتش العام للشرطة والجمارك، حيث أخذ الجميع على عاتقه القيام بما يتوجب عليه تجاه تقديم الخدمات وأوجه الإسناد المختلفة، وحسب متطلبات الموقف، متكئين في ذلك على ما يمتلكونه من خبرات تراكمية في كيفية التعامل مع الأحداث الراهنة والآثار المترتبة على الحالة المدارية، جراء غزارة هطول الأمطار، وكثافة جريان الأودية، وتقديم الدعم في
إعادة فتح الطرق المتأثرة، وضمان سلامة استخدامها وتأهيلها أو إيجاد طرق بديلة، مع تأمين وسائل النقل باستخدام العربات الثقيلة. وكذلك تقديم الإسناد الطبي من خلال مستشفى القوات المسلحة بصلالة وفرقه الطبية، وجهوده في فتح وتفعيل أقسام المستشفى للمواطنين والمقيمين خلال هذه الفترة للحالات المستعجلة والطارئة بالتنسيق مع الوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة، أو من خلال وضع خطط نشر الدعم الطبي الميداني فيما لو تطلب الأمر ذلك، في حين تواصل الوزارات الخدمية أدوارها ومسؤولياتها كوزارة الصحة ووزارة النقل ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه وبلدية ظفار وغيرها، ما يعزز الثقة والانطباع بقوة التكاتف والتعاون وبمدى القدرة على التعاطي مع مثل هذه المحن بكل اقتدار وتوفيق من المولى سبحانه.. فكل الشكر والتقدير لتلك السواعد التي تسهر على سلامة هذا الوطن وأمنه واستقراره، والحفاظ على ترابه وصون منجزاته ومكتسباته.
المصدر: اخبار جريدة الوطن