يتصدر العنصر البشري والاهتمام به قائمة أولويات مسيرة النهضة المباركة التي قادها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه. فالكوادر العمانية المنتجة هي التي تتولى بل من المفترض أنها الوحيدة التي ستتولى مستقبلًا تحويل كل مصادر الإنتاج في هذا الوطن إلى إدارة وطنية كاملة، من خلال برامج التعمين الطموحة والتي تحرز نجاحات متواصلة في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الحكيمة بأهمية إيلاء المواطن العناية والرعاية الكاملتين من حيث التعليم والتأهيل والتدريب وصقل مهاراته، وتوفير فرص العمل التي تؤمن له سبل العيش الكريم والراحة النفسية والاستقرار الاجتماعي.
وجهود الحكومة على صعيد تطوير القوى العاملة الوطنية وعلى صعيد إيجاد الحلول الكفيلة بتوفير فرص العمل للباحثين عن عمل واستيعاب المخرجات، هي جهود لا تتوقف عند مستوى معين، ذلك لأنها دائمة التطوير والتحديث في برامج رفع كفاءة الموارد البشرية العمانية، وذلك بالتعاون مع مختلف القطاعات المؤسسية الحكومية والخاصة، وهذا التعاون يكتسب بدوره سمة التنوع والديمومة والجدوى حسب ما تبديه مختلف تلك القطاعات من اهتمام وتعاون وجدية بما ينعكس إيجابًا على الاستقرار المعيشي والاجتماعي والذي بدوره يعد ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار السياسي والأمني. كما أن هذه الجهود من قبل الحكومة لم تقتصر على توفير فرص العمل والتأهيل والتدريب، وإنما تعدت إلى متابعة القوى العاملة الوطنية في أماكن عملها وتذليل ما قد تواجهه من تحديات أو التدخل لحل خلاف ما قد يقع بين هذه القوى والمؤسسة أو الشركة، بالإضافة إلى التدخل لبحث ما إذا كانت هنالك إمكانية لتحسين أجور العاملين في مؤسسات وشركات القطاع الخاص.
فمحضر الاتفاق الذي وقعته وزارة القوى العاملة ممثلة بالمديرية العامة للقوى العاملة بمحافظة ظفار مع شركة ميناء بتروليوم والذي تعهدت بموجبه الشركة برفع أجور كل الموظفين العمانيين العاملين بها بحيث لا يقل إجمالي الراتب عن (525) ريالًا عمانيًّا، سواء القائمين على رأس عملهم بالشركة أو الذين سيلتحقون بها مستقبلًا، يعد إحدى الخطوات المقدرة والتي تعكس مستوى الاهتمام بالعاملين والحفاظ على استقرارهم الوظيفي، سواء من قبل الحكومة أو شركة ميناء بتروليوم، وهي خطوة أيضًا تعد مثالًا حيًّا ويحتذى، ولها مفاعيلها وآثارها الإيجابية، سواء من الناحية النفسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية أو من الناحية الإنتاجية والراحة النفسية التي يشعر بها العامل وتنمي فيه روح المسؤولية والأمانة والعطاء والتفاني والإخلاص والانتماء للشركة، فينظر إلى موقعه فيها على أنه مالك لها وليس عاملًا فيها، فضلًا عن الاحترام الكبير الذي ستحظى به شركة ميناء بتروليوم ومن يحذو حذوها والسمعة الطيبة والتقدير من قبل الحكومة والمجتمع، ما يجعلها تستحق أن تحظى بالعقود الحكومية، ويشجع المجتمع على الحرص على اقتناء منتجاتها الداخلة في حياة الناس.
على الجانب الآخر من الاهتمام بالموارد البشرية تقدم الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال وشركة النفط العمانية مثالًا آخر في هذا الصدد له تقديره واحترامه، ويعكس حس المسؤولية والدور في المجتمع وعملية التنمية والبناء في البلاد، وذلك من خلال اتفاقية توفير فرص التدريب والانتداب للكوادر العمانية وتبادل الموظفين من مختلف التخصصات في نطاق صناعة النفط والغاز والتي وقعتها الشركتان أمس، حيث ستقوم الشركتان بموجب هذه الاتفاقية بتطوير الموظفين من خلال توفير فرص التعلم والتدريب على رأس العمل والذي من شأنه أن يؤدي إلى تنمية مهارات الموظفين، وبالتالي الاستثمار في رأس المال البشري وإثراء القوى العاملة في السلطنة.
إن مثل هذه الجهود والخطوات المقدرة تضع مسار التعمين في سكته الصحيحة، وتحقق التوازن المطلوب في العلاقة بين أطراف الإنتاج، والأمل معقود على مؤسسات القطاع الخاص وشركاته في الأخذ بناصية الاهتمام بالموارد البشرية من حيث التدريب والتأهيل وتحسين الأجور والثقة في الكادر العماني وتقليده الوظائف القيادية والعليا.