شهدت السلطنة منذ بواكير عصر النهضة طفرة عمرانية واسعة، شملت التوسع بكافة ربوع الوطن، واعتمدت على عوائد النفط في مد البنية الأساسية اللازمة للنواحي الاقتصادية والاجتماعية، وتوالت الخطط الخمسية الهادفة إلى إقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة المرافق، لتكون نواة لحركة تجارية تسهم في الانعتاق من النفط كمصدر رئيسي للدخل، وذلك عبر الاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي المميز للبلاد، والعمل على تطوير المطارات والموانئ لتواكب النهضة الاقتصادية الكبرى التي تحقق جزء كبير منها خلال رؤية “عمان 2020″. ومع الانتهاء من تطوير معظم الموانئ والمطارات وربطها بشبكة مميزة من الطرق التي سيكون لها دور فعال في التجارة الداخلية والخارجية، اتجهت الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص لإنشاء العديد من المدن والمناطق الاقتصادية الجديدة، والتي سيكون لها دور في جذب رؤس الأموال الاستثمارية، ما يعزز نمو الاقتصاد الوطني في مرحلة ما بعد النفط.
وتأتي مدينة (خزائن) واحدة من أهم المدن الاقتصادية المتكاملة في المستقبل المنظور، والتي يجري تطويرها على مساحة تقدر بحوالي 6ر51 مليون متر مربع في ولاية بركاء بمحافظة جنوب الباطنة، وتتمتع بموقع استراتيجي بالقرب من العاصمة مسقط، حيث تبعد نحو 30 دقيقة من مطار مسقط الدولي، وحوالي ساعتين من ميناء صحار، وسيتم ربطها بسكة الحديد المستقبلية، ما يجعلها موقعًا مثاليًّا للنقل متعدد الوسائط، ما يسهم في جعلها مدينة اقتصادية واعدة، تزيد من الحركة التجارية وترفد القطاع اللوجستي ببدائل مهمة، ستحفز المستثمرين على الإقبال على هذا القطاع الجاذب للقوى العاملة، ما سيفتح الطريق لتوفير فرص كبيرة للكوادر الوطنية في هذا القطاع الواعد، بالإضافة إلى ما سيقام من مشاريع تجارية واقتصادية متعددة النشاطات.
إن أهم ما يميز المدينة العملاقة عن باقي المدن الاقتصادية في السلطنة، هو إقامة أول ميناء بري بالسلطنة يحتوي على العديد من المرافق اللوجستية وأنواع مختلفة من المستودعات ومحطة لاستراحة للشاحنات، كما يتضمن المشروع وجود منطقة حرة توفر إعفاءات ضريبية وحوافز استثمارية لاستقطاب الشركات المتعددة الجنسيات، إلى جانب وجود مناطق تجارية وصناعية، ووحدات سكنية متعددة الاستخدامات، ومرافق ترفيهية
ومنافذ لتجارة التجزئة والمدارس العالمية والمراكز الصحية التي ستخدم مستقبلًا جميع القاطنين بهذه المدينة، ما سيفتح الباب على مصراعيه أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وسيعطي ريادة الأعمال زخمًا جديدًا، بالإضافة إلى الخبرات التي سينقلها المستثمرون في المشاريع المتنوعة لنظرائهم من المواطنين، ويبقى الرهان على اكتمال البنية الأساسية للمدينة بالشكل الذي يواكب الطموحات المرجوة منها.
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه الشركة المطور الرئيسي لأكبر مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في السلطنة، إسناد أول عقود الإنشاءات في المدينة، حيث يقدر عقد الحزمة الأولى بـ9.2 مليون ريال عماني، ويتضمن أعمال شبكة الطرق والبنى الأساسية، ويتم تنفيذها خلال فترة تمتد إلى (10) أشهر ابتداءً من شهر أكتوبر، وستقوم الشركة المنفذة بأعمال البنية الأساسية والتي ستشمل تنفيذ طرق إسفلتية بطول 10كم وشبكة المياه مع الخط الرئيسي والخزانات بطول 22كم، وقنوات تصريف مياه الأمطار بطول 15كم، وأعمدة الإنارة وحاجز حماية للمدينة من مخاطر الفيضانات. وذلك بما يخدم احتياجات المدينة في مراحلها المختلفة، وتربطها بمرافق النقل البرية والبحرية والجوية الرئيسية في السلطنة، ما سيكون مفتاحًا مهمًّا للحركة التجارية بالمنطقة وليس السلطنة وحسب.
المصدر: اخبار جريدة الوطن