شهد شهر نوفمبر فعاليات متعددة في مختلف الجوانب التنموية مثلت لوحات وطنية جميلة يبدو فيها الجميع كخلية نحل دائمة، فهناك من يعمل وهناك من يحصد، وهناك من يبحث ويدرس ويناقش ليطور من أجل التحسين والتجويد في منظومة التنمية الشاملة، وتزامنت هذه الفعاليات مع الاحتفال بالعيد الوطني الرابع والأربعين المجيد.
وقد كان القطاع الصحي في طليعة القطاعات التي شهدت هذه الفعاليات التنموية، ويعد هذا القطاع إحدى أهم الثمار التي يجنيها المجتمع من زروع النهضة المثمرة، ممثلًا في المؤسسات الصحية الشامخة والكوادر الوطنية الطبية المؤهلة والمدربة ودفعات الشباب والشابات الذين أنهوا دراساتهم الجامعية التخصصية ودراساتهم العليا في المجالات والتخصصات الطبية المختلفة.
لقد سارت نهضتنا الصحية والعلمية في مسارها المتنامي حسبما أراد لها قائد مسيرة النهضة العمانية المعاصرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أخذًا بكل معيار من معايير التقدم العلمي في إطار من الأصالة واحترام التراث الوطني سواء في الشكل أو المضمون. ولعل كبار السن هم الذين يدركون جيدًا حجم المنجزات التي حققتها النهضة المباركة في القطاع الصحي، وذلك بالمقارنة بين ما كان من وضع صحي قبل الثالث والعشرين من يوليو عام 1970 وما بعد هذا التاريخ الذي أبصر فيه القطاع الصحي النور على النحو الذي نراه، فهم يدركون جيدًا حجم الرعاية الصحية التي يمكن أن يحصل عليها المواطن إذا أصيب بأي أعراض مرضية قبل بزوغ فجر يوم النهضة المباركة في الثالث والعشرين من يوليو .. تلك الرعاية التي كانت تقتصر على بعض الخدمات الصحية متواضعة المستوى وفي بعض الأحيان كان التدخل الجراحي الوحيد الذي يمكن أن يقدم هو بتر أي عضو مصاب، والموسرون فقط هم الذين كان باستطاعتهم التماس العلاج بالخارج، مع ما في هذا من مشقة وتكاليف مادية باهظة.
ومع ميلاد النهضة المباركة تكاملت منظومة الرعاية الشاملة للمواطن صحيًّا وتعليميًّا وتوفيرًا لمختلف المرافق والخدمات الأساسية، وبانتشار أفقي سريع لضمان وصول هذه الخدمات إلى مختلف مناطق السلطنة، وبالنسبة للخدمات الصحية، نقف بكل تبجيل وتقدير أمام المنجزات التي حققها هذا القطاع بالسلطنة، سواء من حيث المؤسسات الصحية أو الكوادر الطبية القادرة على إجراء أعقد العمليات الجراحية التي كان منها ما هو متعذر عليهم القيام به، ومنها ما لا يمكن إجراؤه في البلاد وإنما في خارجها.
إن عجلة التطوير والتحديث والتأهيل والتدريب والوقوف على كل جديد في مجال الطب وتخصصاته المختلفة انطلقت بكل اقتدار وتمكُّن، وأتت على كل مستجد في عالم الطب، فشكلت المؤتمرات الطبية المحلية أو الخليجية أو الدولية التي تقيمها وتشارك فيها وزارة الصحة أو المستشفيات التخصصية والمرجعية علامة بارزة في جبين القطاع الصحي، أكدت على الإرادة والعزم والإصرار والرغبة في رفع المستوى العلمي والتأهيل والقدرة لدى الكوادر الطبية العمانية ومضارعة الوضع الصحي في بلادنا لنظرائه في الدول المتقدمة.
وإذا ما أتينا لنحصي بكل تجرد المؤتمرات والفعاليات الطبية التي نظمت في هذا الشهر (نوفمبر) سنقف بكل احترام وتقدير على ما ذكرناه آنفًا مما يثلج الصدر، ويمكن رصد هذه المؤتمرات وفق انعقادها طوال هذه الأيام النوفمبرية المجيدة وهي: المؤتمر الدولي لجراحة التقويم والتصحيح، ومؤتمر مسقط الأول للأمراض الجلدية والتناسلية، والمؤتمر العلمي الأول لطب الطوارئ، والبرنامج التدريبي المكثف حول تثقيف المرأة العمانية بالإسعافات الأولية والإنعاش القلبي والرئوي، والمؤتمر الرابع للطب الطبيعي تحت شعار “خطوة للأمام للرقي بخدمات تأهيل الأطفال”، والمؤتمر الخليجي التاسع لأمراض المخ والأعصاب، والمؤتمر الوطني لطب الجسد والعقل، ومؤتمر “قمة عُمان للسكري”، والمؤتمر الثامن عشر للرابطة العربية لجراحة العظام (يعقد أواخر الشهر)، ومؤتمر “عُمان بيئة جاذبة للاستثمار الصيدلاني”، وحلقة العمل التدريبية حول “العناية بصحة العين”، واليوم التوعوي للأمومة والطفولة بمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية تحت شعار “الرضاعة الطبيعية هدف رابح مدى الحياة”، والمؤتمر الوطني الثالث للمختبرات الطبية، ومؤتمر عُمان الدولي للتخدير والعناية المركزة، والمؤتمر الوطني الأول لحماية الطفل من الإساءة.
ولذلك، يمكن القول باطمئنان إن القطاع الصحي في السلطنة ماضية مسيرته بكل جد وبطموحات عالية وآمال مفتوحة.