أثبت الإقبال منقطع النظير الذي شهده مهرجان مسقط 2018م أن المهرجان تعدى دوره الترفيهي للمواطنين والمقيمين، ليقوم بدور سياحي يتنامى مع تنامي التوجه الحكومي الساعي لتحقيق تنمية سياحية حقيقية تجعل من مسقط والسلطنة إحدى الجهات الأساسية على خريطة السياحة العالمية، فالمهرجان تعدى الدور الذي كان يلعبه سابقًا كونه متنفسًا حقيقيًّا للعوائل والأسر في السلطنة، والاستفادة من الأجواء الشتوية الخلابة التي تشهدها مسقط العامرة في هذا التوقيت سنويًّا، فبفضل مجموعة من الفعاليات المتنوعة والمتعددة أضحى للمهرجان رواد آخرون من الفئات العمرية المختلفة.
فمثلًا فئة الشباب وجدت للمرة الأولى العديد من الفعاليات التي تتناسب مع رغباتها، مثل الحفلات الفنية والسباقات الرياضية، والفعاليات التي تتصف بروح المغامرة التي تتسم بها تلك الفئة العمرية، بالإضافة إلى فعاليات ثقافية تثري معارف الشباب، فالمهرجان هذا العام شهد العديد من الفعاليات الثقافية الفريدة التي تنمي الجانب الثقافي والمعرفي لدى الشباب، وتقدم وجبة معرفية دسمة للعديد من الثقافات المختلفة حول العالم، كما أنها عرفت الشباب بثقافات وعادات وتقاليد وفروقات بين المحافظات العمانية في كافة ربوع الوطن، كما شهد المهرجان في مواقعه المختلفة العديد من المعارض التاريخية التي ترصد فترات واسعة من التاريخ العماني التليد.
ولعل التنوع هو إحدى أبرز السمات المميزة للفعاليات الكبرى والمهرجانات السياحية حول العالم، وأهم ما يميز هذا التنوع في عام 2018 هو الحضور الاقتصادي القوي في فعاليات مهرجان مسقط 2018 دون منازع، حيث قدمت معروضات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الصناعية منها والحرفية نموذجًا للاستفادة القصوى من هذه الفعاليات الكبرى، فمعارض المنتجات التي تنوعت بين صناعية وزراعية وتراثية وحرفية، أثرت زوار المهرجان من فئة مستمتعي التسوق بمنتجات فريدة، يصعب إيجادها في تلك الأوقات أو الأماكن القريبة من السوق الاستهلاكية، وبتلك الأسعار المغرية، كما كانت تلك المعارض فرصة تسويقية كبيرة لرواد الأعمال من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لاستعراض منتجاتهم، وتعريف الأسر والأفراد من الزوار بأن هناك صناعات عمانية عالية الجودة، وهناك رواد أعمال صنعوا نجاحات كبرى يستحقون الوقوف بجانبهم وشراء سلعهم.
إن الحضور الجماهيري الكبير الذي شهده المهرجان هذا العام والذي وثقته الأرقام ببلوغ عدد زوار المهرجان في مختلف مواقعه خلال الفترة من 18 إلى 30 يناير الماضي (415163) زائرًا، هو أفضل شهادة لما لاقاه المهرجان من نجاح منقطع النظير هذا العام، حيث شهدت مواقع مهرجان مسقط 2018 المختلفة خلال الأسبوع الثاني من انطلاقه ازدحامًا وتدفقًا جماهيريًّا واسعًا من مختلف الفئات من المواطنين والمقيمين والسياح من الجنسيات العربية والأجنبية، حتى في أيام الدوام الرسمي بعيدًا عن مواعيد الإجازة، ما يؤكد أن السياحة الخارجية كانت حاضرة بقوة في أرقام زائري المهرجان، كما أن أيام نهاية كل أسبوع تشكل حضورًا لافتًا من الجماهير للاستمتاع بفعاليات المهرجان المتنوعة والمتخصصة في مختلف المجالات الثقافية والرياضية والترفيهية والمسرحية والفنية، ويتوقع زيادة أعداد الزوار خلال الفترة المتبقية من أيام المهرجان.
وتمثل الأرقام التفصيلية عن زوار المهرجان فرصة للتعرف لما يجب تطويره في المستقبل القريب، ما يجب أن يتم الحفاظ عليه، فبحسب الإحصائيات كان متنزه النسيم العام الأكثر زيارة، حيث بلغ عدد زواره خلال الفترة نفسها قرابة (211451) زائرًا، واحتضنت النسيم من الفعاليات والبرامج والأنشطة التعليمية والترفيهية للطفل أبرزها قرية الأسرة ومسرح الطفل إلى جانب المعرض التجاري، والقرية التراثية المصغرة والفنون التقليدية وعروض الساحات والمسرح، بالإضافة إلى عروض الألعاب النارية اليومية، ومشاركة المؤسسات الحكومية والخاصة والجمعيات الخدمية. أما متنزه العامرات العام الذي بلغ عدد زواره (170653) زائرًا فقد شمل فعاليات القرية التراثية العمانية والتي تقدم مشاهد حية تختزل الزمان والمكان لاكتشاف روعة التراث وثرائه وتنوعه، بالإضافة إلى السوق الشعبي في القرية، وكذلك عروض المسرح للفرق الاستعراضية الشعبية ومتنزه فنون التسلية، وعروض الساحات والمسرح إلى جانب مشاركة عدد من الجهات الحكومية الرسمية بأركان متعددة وغيرها من الفعاليات المتنوعة، كما بلغ عدد زوار المواقع الأخرى من المهرجان حوالي (33059) زائرًا، ما يؤكد أن مسقط 2018م قد حقق الكثير من أهدافه المتنوعة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن