فرض مهرجان مسقط نفسه على خريطة المهرجانات ذات السمات المتفردة في المنطقة والإقليم ككل، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من الخطة السياحية الوطنية، بفضل قدرته على الجذب السياحي، والتوفيق في اختيار موعده، وحسن اختيار فقراته التي تعبِّر دومًا عن الشخصية العمانية في أبهى صورها، حيث تمزج التقدم المطرد الذي شهدته السلطنة في عقود النهضة المباركة، وما تملكه من سمات مستمدة من التاريخ العماني التليد، تضفي عبق الماضي على منجزات المستقبل، وتستعرض الخواص الثقافية والاجتماعية للبلاد، في لوحة تمتاز بالتكامل رغم ما تمتلكه من تنوع يجذب كافة أطياف الذائقة من كل مكونات المعمورة، ليخوضوا تجربة فريدة تمزج كافة فنون سحر الشرق التي أضحت جزءًا من المكون العماني، بفضل الموقع المميز الذي أنشأ حالة من التواصل والتأثير والتأثر، تركت بصماتها الثقافية، وولدت نموذجًا يخطف الألباب.
ولعل اختيار شعار هذا العام (لنحتفل معًا) يدلل على أن النهضة العمانية وصلت لمرحلة من الرسوخ، جعلها صامدة في وجه أعتى الأزمات الاقتصادية، وقادرة على الاحتفال والاحتفاء دومًا بزوارها، في احتفالات تتناسب مع كافة الأعمار والأذواق، يتمتع بها المواطن والمقيم مع السائح الزائر، ويحتفلون بعزف سيمفونية عمادها السلام والمحبة، في أجواء تزيل التوترات المصاحب لحياتنا اليومية، أجواء تجدها في كل مكان حولك بمسقط العامرة، بل إنه يتخطى مواقع المهرجان وأجواءها الاحتفالية، ليثري الأماكن السياحية الخلابة التي تزخر بها السلطنة، في أجواء مناخية تشكل إحدى أفضل الوجهات السياحية الشتوية على مستوى العالم.
فعاليات تتنوع ما بين ثقافية وسياحية وعروض مبهرة، وأخرى رياضية، لتعبِّر عن الوجه المشرق الدائم لعُمان الحبيبة، وتؤكد أن السلطنة قادرة على تنظيم مهرجانات بمستوى عالمي، ليس بمسقط فقط، لكن في كافة ربوعها التي تحتاج كل منها لمهرجان مستقل يعبِّر عن إحدى ميزات الفسيفساء العماني، الذي يستلهم من اختلافه وتنوعه روحه النهضوية المعبِّرة عن وحدة اجتماعية فريدة تمتلك من معاني التسامح والأخوة، ما يقيها شرور الفرقة والتحزب، وتستنهض من الروح الوطنية السارية في الأنفس العمانية عشقًا فريدًا لوطن نهض برؤية ملهمة لبواعث النهوض، ومحفزة على العمل والعطاء، الذي حوَّل مسقط من مدينة صغيرة، قد لا يعرفها أحد في أزمان الانغلاق، إلى قبلة لكل متعطش لجمال الحياة ومباهجها، وواحة من القيم الإنسانية المتفردة والفريدة، في زمن سيطرت عليه الصراعات، واشتدت عليه الأنواء، وتهاوت معاول الهدم عليه حولنا، فأبت مسقط إلا أن تتمسك بمعاول البناء والتشييد لنهضة يستمد من روحها من أراد الفلاح.
إن انطلاق النسخة الثامنة عشرة من فعاليات مهرجان مسقط في حلته الجديدة، ليس مجرد حدث سياحي أو اجتماعي، بل هو رصد لنموذج نهضوي، استطاع أن يتجذر في هذه الأرض الطيبة، بجهد وعناء مواطن آمن بقائده المفدى ـ حفظه الله ورعاه ـ، وشمر عن سواعد الجد، عالمًا بأنه أساس هذه النهضة المباركة، فبه تبنى، وإليه تعود عوائدها، وبفضل هذه الروح تقف مسقط شامخة اليوم لتستقبل الضيوف وتروِّح عنهم وعن أبنائها بفعاليات وأنشطة متعددة هُيئت لتناسب كافة الأعمار، تتوزع على موقعي المهرجان الرئيسيين “متنزه العامرات العام” و”متنزه النسيم العام” وبعض الفعاليات بعدد من المواقع والمسارح لتغطي بذلك مجالات الترفيه والتسوق والتراث والحضارة والثقافة، والرياضة والإبداع والابتكار العلمي والتعليمي، والمسابقات والأمسيات الفنية والمسرحيات الفكاهية، إضافة إلى اهتمامات الطفل واهتمامات الأسر المنتجة، بالإضافة الفعاليات المتخصصة، وتأتي في مقدمتها “معرض عروس عُمان 2018م” وعروض الأزياء المصاحبة والحفلات الغنائية والعروض الفنية والموسيقية والمسرحية.
المصدر: اخبار جريدة الوطن