ما أن بدأت علامات ظهور مرض كورونا (كوفيد19) والتي ألقت بظلالها على كثير من دول العالم إلا وقد طفا كثير من الأمور الاقتصادية والتجارية على السطح، وبدأت معها الحكومات كثيرا من الإجراءات للحد من تفشي هذا المرض والذي انتشر كالنار في الهشيم وألقى بالكثير إلى الموت. وقد رأينا كيف أن بعض الحكومات اتخذت إجراءات صارمة منها الإغلاق الجزئي لبعض المناطق التي تفشى بها المرض ومنها الإغلاق الكلي، وكثيرا من الإجراءات الاحترازية، والعمل عن بعد وفوائده من حيث المسؤولية والإنتاجية لدى الموظفين وطريقة أخرى وتجربة هذا النمط من الأعمال، وذلك لمنع انتشار الفيروس والسيطرة عليه، فأغلقت المطارات وكثير من الأنشطة التجارية كالمحلات الصغيرة وصالات الخدمات في معظم المؤسسات الحكومية والخاصة.
أما عن فوائد كورونا من الناحية الاقتصادية والتجارية فقد بدأت بعض الشركات الخاصة برفد الدول بالكثير من الصناعات محليا والتي كانت مُعلَّقة في الفترة الماضية ولم تكن بتلك الإنتاجية، فقد صنعت الكثير من الأدوات والمستلزمات الطبية لخدمة القطاع الصحي في بعض الدول، خصوصا الخليجية منها والآسيوية، وزاد الطلب على المنتجات الغذائية المُصنعة محليا لسد النقص في الطلب الخارجي والذي أصبح من الصعب استيراده من دول تفشى فيها المرض ووصل بالمئات الآلاف من الإصابات وآلاف الوفيات.
اعتمدت هذه الدول على استيراد الكثير من التجارة خارجيا ما قبل كورونا، وقد تعلمت هذه الدول كيف تدير مخزونها من المواد الغذائية والزراعة المحلية وإنتاجها وتوزيعها من المزارع مباشرة إلى السوق المحلي وتلبية احتياجات المستهلكين بشكل عاجل وضروري، فيما ظهر الكثير من الابتكارات من قبل المجتمع على الصعيد الفني والتقني والطبي، وبرز كذلك الكثير من التطبيقات كخيار آخر وطريقة مختلفة معظم الناس كانت لا تراها مهمة وهي تتيح اليوم للجميع كافة الاختيارات المطلوبة عن طريق الهواتف المتنقلة لخدمة التوصيلات مباشرة دون الخروج والتشجيع للبقاء في المنازل في ظل هذه الظروف الصحية الصعبة.
هنا نستنتج أن هذا المرض كون له أضرار على الإنسان، في المقابل كذلك نرى أن فوائده جمة وقد استفادت مؤسسات صغيرة ومتوسطة وناشئة برغم الإقفال التجاري للأنشطة وذلك من خلال ما ذكر آنفا، حتى أن الاستيراد من الحمولات عن طريق البحر من المواد الغذائية والخضراوات والفواكه أصبح ميسرا وأقل كلفة من السابق، فقد استفادت السلطنة من ذلك من خلال استيرادها المباشر من أكثر من 86 ميناء حول العالم دون المرور بميناء ترانزيت ورسوم إضافية وجمارك، وهذا يُعد تطورا اقتصاديا يخفف من كاهل ميزانية السلطنة.
عليه، والحمد لله رأينا كيف أن مرض جائحة كورونا غيَّر المسار العام والخطط، وحوَّل الكثير من مستهلك إلى منتج ومن معتمد إلى مصنع، كما أن لانخفاض أسعار النفط دورا في ضبط جماح الإنفاق وترشيد الاستهلاك وخطط التقشف تزامنا مع ظهور هذا المرض منذ أكثر من أربعة أشهر إيجابيات برغم مواجهة بعض التحديات الكثيرة، ولكن تجاوزها اليوم سيستفيد منه المجتمع ككل لاحقا بإذن الله.
في الختام، نسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يزيح الغمة عن هذه الأمة، وينجلي هذا المرض، وتبدأ الناس في العودة تدريجيا إلى أعمالها كالسابق وأفضل من السابق، كما نسأل الله أن يرفع عنا البلاء والوباء وسيئ الأسقام، ويمنَّ على بلادنا وسائر بلاد المسلمين في أصقاع الأرض بالخيرات والبركات.. إنه سميع مجيب الدعوات.
المصدر: اخبار جريدة الوطن